وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها لكنه لم يلتزمها أمام صحابته وربما لم يلتزمها كل يوم لأنه كان يترك العمل والتقرب وهو يحب أن يقوم به خشية أن يقتدي به أصحابه فيلتزموه كما يلتزمه فيشق عليهم ويعجزوا عن أن يداوموا عليه وصدق الله العظيم حيث يقول {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
-[المباحث العربية]-
(إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل) "إن" بسكون النون مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والحال محذوف واللام في "ليدع" هي الفارقة بينها وبين النافية وخبرها جملة "كان رسول الله ليدع العمل" ويجوز إهمال "إن" والابتداء بجملة "كان رسول الله" إلخ والمراد من العمل عمل الطاعات
(وهو يحب أن يعمل به) الجملة حال من فاعل "يدع" وضمن يعمل معنى يقوم فتعدى بالباء وكان الأصل أن يعمله
(خشية أن يعمل الناس به فيفرض عليهم) "خشية" مفعول لأجله والخشية في الحقيقة من المعطوف المترتب على المعطوف عليه والمراد من عمل الناس به التزامه والمداومة عليه لا أصل العمل به ولو مرة فقد واصل الصيام وأذن لهم أن يواصلوا لكنه لم يكررها معهم وسيأتي لهذا مزيد في فقه الحديث
(وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى) مرادها ما صلى صلاة الضحى والتسبيح جزء الصلاة فأطلق الجزء وأريد الكل كركعة وسجدة لكن العرف الشرعي استعمل السبحة في النوافل لأن التسبيح الذي في الفريضة نافلة
(وإني لأسبحها) أي لأصليها وفي رواية "لأستحبها" لكن الرواية الأولى تفيد العمل والأداء والثانية لا تستلزم الأداء فالأولى أدق في المراد