الإسراع ومنع المالكية والحنفية هاتين الركعتين والإمام يخطب، لأنه معارض بقوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت" متفق عليه. فإذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإنصات، مع قصر زمنه فمع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، كما استدلوا على منع هاتين الركعتين بأنه عليه الصلاة والسلام قال للذي دخل المسجد يتخطى رقاب الناس "اجلس فقد آذيت" فقد أمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية، وأجابوا عن قصة سليك بأنها واقعة عين لا عموم لها فتختص بسليك، واستدلوا بما في بعض طرق الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال "صل ركعتين" وحض على الصدقة فأمره أن يصلي ليراه بعض الناس وهو قائم فيتصدق عليه، ولأحمد: "وإن هذا الرجل في هيئة بذة فأمرته أن يصلي ركعتين، وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه". كما استدلوا أيضا بأن تحية المسجد تفوت بالجلوس، وقد جلس سليك، ولو قصد التحية ما أمره بالقيام بعد أن جلس.
ورد عليهم الشافعية والحنابلة بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بقصد التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية. وقد ورد ما يدل على عدم الانحصار في قصد التصدق وهو أنه عليه الصلاة والسلام أمره بالصلاة في الجمعة الثانية، فإن هذا الرجل لما جلس في الجمعة الأولى، أمره الرسول أن يقوم فيصلي، ثم جلس في الجمعة التي تليها فأمره أن يقوم فيصلي، ولم يكن المقصود في المرة الثانية توجيه أنظار الناس إليه للتصدق عليه بعد أن حصل له ثوبان في الأولى فدخل في الثانية، فتصدق بأحدهما فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ومما يقوي هذا الرد ويضعف استدلالهم أن قصد التصدق لو كان العلة لجاز التطوع عند طلوع الشمس وسائر الأوقات المكروهة لمثل هذه العلة ولا قائل به.
كما أجابوا عن فوات تحية المسجد بالجلوس، بأن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس جهلا أو نسيانا. وجلوس هذا الداخل أولا محمول على الجهل وثانيا محمول على النسيان. كما تأول الشافعية والحنابلة قوله عليه الصلاة والسلام