42 - عن عقبة رضي الله عنه قال: "صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج عليهم فرأى أنهم عجبوا من سرعته فقال ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته".
-[المعنى العام]-
كان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يمكث في مكانه بعد السلام من صلاة الجماعة بعض الوقت، حتى لا يقوم الرجال إلى أن ينصرف النساء المصليات، وذلك خشية اختلاط الرجال بالنساء في الطريق.
لكن هذه العادة تغيرت يوما، حين سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من صلاة العصر، فقام من مصلاه مسرعا، يتخطى رقاب المصلين قبل أن يقوموا متجها نحو بيته، أحد بيوت أمهات المؤمنين، وتعلق نظر الصحابة به صلى الله عليه وسلم وهو يسرع، وبمنزله حين دخل، ولم يمض إلا قليل من الوقت، حتى خرج إليهم يعلم قلقهم وفزعهم من هذا التصرف غير المعتاد، ويحرص على طمأنتهم وإزالة قلقهم، عاد إليهم ليوضح سر فزعه وإسراعه، وليحثهم على أن يقتدوا به، لكنهم ما رأوه حتى بادروه بالسؤال، قبل أن يوضح لهم، إنهم عجلون يخشون أن يكون في إسراعه خطر عليهم، أو أن يكون من أجل وحي يؤاخذهم عن فعل، ويسيئهم، ثم إنهم لا يصبرون على قلق، يدفع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا التصرف، فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه مع قربه من ربه أخشى الناس لله، وأتقاهم له، إنه أخر واجبا يقدر على أدائه دون التأخير، إنه نسي أن يوزع شيئا من مال الصدقة، قبل أن يخرج للصلاة، لقد ترك تبر الصدقة في بيته، وجاء للصلاة، ما جوابه لربه لو توفاه الساعة وسأله: لماذا أخرت حقوق الفقراء والمساكين؟ لقد تذكره في الصلاة فأخذ يفكر فيه