المعية بالعلم والإحاطة "فإن ذكرني" بالتنزيه والتقديس والتعظيم "في نفسه" بالقلب أو باللسان سرا "ذكرته" أي أثبته ورحمته وأمنته إن كان خائفا وآنسته إن كان مستوحشا "في نفسي" دون أن أعلنه للملائكة أو غيرهم "إن ذكرني في ملإ" أي أمام جمع وهمم يستمعون عظمة الله تعالى وجلاله ونعمه وكل ما يليق به "ذكرته في ملإ خير منهم" وهم الملأ الأعلى أي أن الله تعالى يذكره بحسن الثناء والوعد بالجزاء مسمعا بذلك الملائكة وغيرهم وهذا فخر دونه كل فخر ولا يلزم من ذلك تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكر الأنبياء

والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة وأيضا فإن الخيرية إنما حصلت بالذكر والملأ معا فالجانب الذي فيه رب العزة خير من الملأ الذي ليس فيه بلا ارتياب فالخيرية حصلت بالمجموع على المجموع "وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" يعني من تقرب إلي بطاعة قليلة جازيته بمثوبة كثيرة وكلما زاد في الطاعة زدت في ثوابه وإن كان إتيانه بالطاعة على التأني فإتياني له بالثواب على السرعة

-[ويستفاد من الحديث: ]-

1 - جواز إطلاق النفس على الذات العلية فهو إذن شرعي في إطلاقها عليه تعالى ويقويه قول الله تعالى {ويحذركم الله نفسه}

2 - مضاعفة الله للعبد ثواب أعماله

3 - سعة فضل الله على عباده وإكرامه لهم بعاجل الثواب

4 - قال الكرماني وفي السياق إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف وكأنه أخذه من جهة العندية فإن العاقل إذا سمع ذلك ظن لنفسه الخير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015