(ويتوب الله على من تاب) وقعت هذه الجملة موقع الاستدراك فكأنه قال حب المال جبل في الإنسان ولكن يمكن تهذيبه بتوفيق الله لمن يريد له ذلك

-[فقه الحديث]-

في معنى هذا الحديث يقول الله تعالى {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} حيث فسر كثير من المفسرين زيارة القبور بالموت يعني شغلكم التكاثر في الأموال إلى أن متم والمراد ذم الحرص على الدنيا والشره نعم جبل الإنسان على حب المال والسعي في طلبه وعدم الشبع منه لكنه مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه ولهذا كانت هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب وجعل التخلص منها أو الحد من طغيانها رجوعا إلى الله وإلى شرعته ولا يفهم من هذا أن الإسلام يدعو أبناءه إلى الفقر والخمول ويباعد بينهم وبين السعي ويقصر هممهم عن بلوغ قمة الحياة فالإسلام الذي خرج بالبدو من العصا والعنز إلى قصور وكنوز كسرى وقيصر أبعد ما يكون عن هذا الفهم القاصر ولكنه يحذر من أن يأكل أهله التراث أكلا لما ومن أن يحبوا المال حبا جما يعميهم عن تخير مصدره ويطغيهم عن إحسان مصرفه يحذر من أن تستولي فكر المال على كل أهدافنا فلا نسعى إلا له ولا نفكر فيما بعده يوضح أن هذه الشهوات للقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ينبغي ألا يشغلنا عن حقوق الله وعن حقوق الناس وعما ينتظرنا في الدار الآخرة من جزاء فما هذه الشهوات إلا متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب ومن أجل هذا يلوح الحديث إلى المبدأ والنهاية بذكر التراب وبتذكيرنا بأننا أبناء آدم الذي خلق من التراب يدعونا إلى غنى النفس قل المال أو كثر وينأى بنا عن خسة بعض المتمولين فقراء النفس الذين هم لشدة شرههم وحرصهم على جمع المال يحسون بأنهم فقراء يأكلون ولا يشبعون بل كلما ازدادوا أكلا ازدادوا جوعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015