لها؟ وخطر في نفس أم حبيبة النهاية والمصير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الفراش، وخطر لها ما يصير الأمر بعده، وكيف يكون قبره، وكيف يصبح مسجده، وبرزت صورة الكنيسة وما فيها من تماثيل في خيالها، فقامت تروي وتقول: يا رسول الله. لقد رأيت ورأت أم سلمة بالحبشة في كنيسة تسمى مارية تماثيل كثيرة، تمثل أشخاصا، وتصورهم كأنهم أجساد بشرية أحياء، ورأينا الناس يعظمونها ** ويقدسونها ويركعون عندها.
وكان في عرض هذه الصورة تنبيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خشي على أثره أن يحدث معه بعد موته ما حدث مع غيره، فقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود والنصارى، كانوا إذا مات فيهم النبي، أو الرجل الصالح، بنوا على قبره كنيسة وصوروا فيها هذه الصور، تعظيما لأصحابها، وذكرى لصلاحهم ليقتدي بهم، فلما طال عليهم الأمد سول لهم الشيطان أن أجدادهم كانوا يعبدون هذه التماثيل فعبدوها. ألا وإني أنهاكم أن يتخذ قبري مسجدا ألا وإني أنهاكم أن تصوروا بعدي الصور والتماثيل، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة.
-[المباحث العربية]-
(أم حبيبة) أم المؤمنين، رملة بنت أبي سفيان، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش، فتوفي هناك، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الحبشة سنة ست من الهجرة.
(أم سلمة) أم المؤمنين، هند بنت أبي أمية المخزومي، هاجر بها أبو سلمة إلى الحبشة، فلما رجعا وهاجرا إلى المدينة مات زوجها، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ذكرتا كنيسة) الظاهر أن إحداهما ذكرت والأخرى أمنت، فنسب الذكر إليهما، والكنيسة معبد النصارى.
(فيها تصاوير) المراد من التصاوير هنا التماثيل.