الغميم ليؤكد ضرورة الالتحام العملي بين قيادة الأمة ورعيتها.

وفكرة أن لا تذهب دماء المسلمين هدرا فكرة إسلامية أصيلة. فتحرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني لحيان للثأر لأصحاب الرجيع، وذلك بعد مرور سنتين على اغتيالهم والغدر بهم يعني درسا ثالثا للحركة الإسلامية، أن الثأر من الطغاة فيما يقتفرون من جرائم. هو الذي يردع هؤلاء الطغاة ويسقط الأمر في أيديهم.

إن طبيعة الحرب لا تقبل التضحيات فقط، ولا تقبل الخسارة من جانب واحد فقط. بل لا بد أن يشعر الجندي المسلم بقيمته عند قيادته، وكرامة دمه عند جماعته. فهناك من يثأر له، وهناك من يدافع عنه، أما أن يحس الجندي المسلم أنه مدفوع به للذبح والتضحية، وقيادته في حصن حصين من العدو، فلا يمكن أن يتابع الطريق مهما ارتفع المستوى الإيماني عنده.

وأخيرا فحاجة الحركة الإسلامية إلى الهجوم على العدو بعد المحنة هي خط أصيل في طبيعة المعركة مع العدو كي يستعيد الجيش ثقته بنفسه.

لقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلاحق قريشا بعد أحد بثلاثة أيام في حمراء الأسد وها هو يصل إلى مشارف مكة بعد الخندق بأربعة أشعر. كي يبقى الجيش على تحفزه وترقبه واقتناعه بقدرته الحربية وكفاءته القتالية كذلك.

وحري بنا أن نفقه هذه الدروس، ونتعلم من خلالها أسباب أزمة الثقة التي تسود أحيانا الصف المسلم بين قيادته وقاعدته، وحين نهتدي بهداها نجد أن هذه الأزمة تذوب وتتلاشى بمثل هذا الالتحام وهذه التضحيات.

السمة الثانية: حديث الإفك

واخترت هذا العنوان، على طبيعته، لأصل بهذا المصطلح الخاص إلى النص العام الذي لا بد أن يشعر به أبناء الصف المسلم وخطورة أخذهم بالإشاعة دون تثبت وكيف أن الإشاعة كفيلة بتحطيم هذا الصف كله.

إنه وإن تجسد باتهام الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها. لكنه صورة قد تتكرر في كل جيل وتضع النيل من القيادة هدفا رئيسيا لا بد من تحطيمه، وحين تعجز القوة المادية عن النيل من القيادة فليس أمام العدو إلا الحرب المعنوية على هذه القيادة وتحطيمها من خلال هذه الحرب ولذلك لن نتناول حادثة الإفك كحدث تاريخي بتفصيلاته ودروسه. ولكننا سنتناوله من خلال حرب الإشاعة التي يبثها العديو المنبث في الصف ضد القيادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015