وأهم ما في هذا الحدث هو أن مصدر الفرية - على ما يبدو - هم المنافقون تحت راية زعيمهم عبد الله بن أبي، وحين يتحصن الصف من الفرية. وتبقى في صافوف المنافقين فلا خطر منهم ولا هم لكن عندما تنتقل إلى داخل الصف المسلم فتسرى فيه سريان النار في الهشيم عندئذ يبدو خطرهم الكبير.
والنص القرآني حين تحدث عن هذه الحادثة. كان يخاطب الصف المسلم أكثر مما يخاطب صف المنافقين. ويحمل على المؤمنين الصادقين الذين تأثروا بهذه الفرية، واستجابوا للحديث في الظنة دون بينة والنقاط المحددة التي نعرض لها في هذا الحديث المؤتفك هي ما يلي:
أولا: البعد عن مظان التهمة واجب أساسي على الصف المسلم، وعليه أن يعلم - وخاصة القيادة - أنه هدف لأنظار العدو والصديق، فيتجنب ما استطاع البعد عن موطن الريبة.
ثانيا: عدم الأخذ بالإشاعة كما يقول القرآن الكريم:
{لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأوالئك عند الله هم الكاذبون} (?) وأي خبر غير موثق بالنسبة للفرد المسلم هو مرفوض عنده، وليعلم هذا الأخ أن رواية الإشاعة، وتناقل الخبر غير الموثق تحيله إلى أخ كاذب .. وهذا حكم القرآن في أمثال هؤلاء. هم الكاذبون عند الله، ولو لم يفتر الكذب. لو كان نقله صدقا محصنا عمن سمع منه فهو عند الله تعالى من الكاذبين.
ثالثا: ليبق الميزان الحساس في الحكم على الإشاعة هو الميزان الذاتي. فلا بد من ثقة الأخ بإخوانه ثقته بنفسه، وقد أقر القرآن الكريم هذا الميزان وأثنى عليه وذلك بمناسبة الحديث الذي جرى بين أبي أيوب الأنصاري وزوجة أم أيوب رضي الله عنهما إذ قالت لزوجها: (أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: نعم وذلك الكذب. أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب قالت: لا والله ما كنت لأفعله. فقال: فعائشة والله خير منك) (?) ونتمنى لكل أخ وهو يثير الإشاعة بحق أخيه أو قيادته أن يحسب على أقل تقدير أن أخاه أو مسؤوله ليس أقل حرصا على دينه منه، وليس أقل دينا وورعا منه. ولو نفذ هذا الميزان الذاتي. لانهارت الإشاعة وانهار الإفك من جذوره.
رابعا: أن لا يتدخل الهوى إطلاقا في قضية النقل للإشاعة والمساهمة فيها وصورتان متنافرتان لاتباع الهوى في الإفك، وللتبرؤ منه والصورتان هما لأختين مسلمتين شقيقتين الأولى: هي زينب بنت جحش رضي الله عنها، والثانية: لأختها حمنة