ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -) مع هذا كله تكشف جانب من الخطة كان فوق التقدير البشري. فتلقاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتسليم المطلق: {لا تحزن إن الله معنا}. (ما قولك في اثنين الله ثالثهما). وما أحرانا نحن وقد شهدنا عبقرية التخطيط للهجرة أن لا تغيب عنا هذه الجوانب الثلاث:
أولا: علينا أن نستفرغ الوسع ونبذل كل الطاقة في التخطيط البشري.
ثانيا: أن يكون اتكالنا على الله تعالى دون اعتمادنا على الأسباب.
ثالثا: أن نقبل قضاء الله وقدره فيما هو فوق طاقتنا ونطمئن إلى أنه خير للإسلام والمسلمين.
السمة الثامنة عشرة
قاعدة جديدة تنضم إلى الإسلام
يقول المباركفوري: (وفي الطريق لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بريدة (?). وكان رئيس قومه، خرج في طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر رجاء أن يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كان قد أعلن عنها قريش، ولما واجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه أسلم مكانه مع سبعين رجلا من قومه، ثم نزع عمامته وعقدها برمحه، فاتخذها راية .. (?)).
لقد كانت بيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سبعين من الأنصار، ولا شك أن هؤلاء مقدمة للأنصار في المدينة. غير أن انضمام قافلة جديدة إلى موكب الإيمان من قبيلة أسلم، والتي كان بريدة بن الحصيب على رأسها قد مضى للإجهاض على محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عتبر هذا الأمر تغيرا خطيرا في مراحل الدعوة. فلم تعد المدينة وحدها صاحبة اللواء الإسلامي المرفوع. إذ انضم إليها حليف قوي من أسلم، بهذا التجمع الكبير والجمهرة الضخمة. وهذا يعني أن الطريق بين مكة والمدينة صار محفوفا بالمخاطر من هؤلاء وعلى الأقل