إن لم يتمكنوا من صد هجوم قريش فلا أقل من أن يرصدوه، ويرصدوا كل التحركات المعادية ضد رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولقد كان سرور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظيما بدخول هذه القاعدة في الإسلام إذ قال: (أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، أما والله ما أنا قلته، ولكن الله قاله (?)) ويشير هذا المعنى إلى أن قوة المسلمين، وظهور تجمعهم قد جعل القبائل المجاورة على استعداد لقبول الإسلام والانضمام إليه.
كما يشير المعنى كذلك إلى أن الدعوة إلى الله تعالى تبقى هي الهدف الرئيسي للمسلمين، فرغم أن الظروف على الطريق إلى المدينة. لم تكن ظروفا مؤهلة للخوض في تفاصيل الإسلام. لكن الهدف الرئيسى دائما تتجاوز الظروف من أجله، وعلى الدعاة إلى الله أن يكونوا دائما على أهبة الاستعداد للدعوة إلى الله على بصيرة.
السمة التاسعة عشرة
(أول إعلان رسمي لشعائر العبادة)
(قال عروة بن الزبير: فتلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول).
ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقباء على كلثوم بن الهدم .. وأقام بقباء أربعة أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة (?)).
فبعد مرور ثلاثة عشر عاما ليس للمسلمين مركز علني ثابت يصلون فيه، لا تقام فيه إلا شعائر التوحيد، إذ كانوا يصلون أحيانا في الكعبة، لكن بيت الله الحرام قد أحاط به ثلاثمائة وستون صنما، وكل شعائر الشرك تقام حوله.