إنه حين ينتهي الجهد البشري المطلوب، وحين تستنفذ الطاقة البشرية فإنه تعالى أرحم بنبيه وصاحبه من أن يجعلهما ظفرا لعدوهما، ولقد قرر أنه تعالى في محكم التنزيل هذا المعنى إذا أكد حمايته لنبيه ونصره له حين تخلت عنه قوة الأرض، وحين كان المسلمون كلهم كقوة بشرية قائمة في المدينة أو مختفية في مكة - ليس معه للحماية إلا إنسان واحد: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم (?)}.

فقوة الأرض كلها بعيدة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون والكافرون. ووصل إلى قبضة الطاغوت. وأكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا قائلا له عن الرجل المراقب: إن الملائكة لتظللنا بأجنحتها مصداقا لقول الله عز وجل: {وأيده بجنود لم تروها}.

والتعبير القرآني العجيب أن هذا النصر في حقيقة الأمر كان بابا لأن تكون كلمة الله هي العليا، وإذلالا وإرغاما للمشركين في تحطيم كل مخططاتهم بقتل النبي عليه الصلاة والسلام. لقد كانت نجاته عليه الصلاة والسلام من قبضة عدوه نصرا مؤزرا تكون كلمة الله تعالى هي العليا فيه.

والدعاة إلى الله بحاجة دائما إلى أن يكون راسخا في أعماقهم دائما عون الله لهم حين تعجز قوتهم البشرية عن إدراك ما يخطط لهم العدو بعد استنفاد الطاقة واستفراغ الوسع، وأن تكون لديهم القناعة التامة كذلك أن النصر أولا وأخيرا بيد الله.

ك - الاستفادة من خبرة المشركين:

(.. فاستأجرا عبد الله بن أريقط - وكان مشركا - يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحليتهما - فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما. وعلى شركه، فالاستفادة من خبرته قائمة طالما أنه مأمون لا ينقل الأخبار للمشركين. والاستفادة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015