ولا يقال في الدعاء ولا الثناء المميت حتى يقال معه المحيي، ولا الضار حتى يقال معه المقدم. لأن المعنى أن يعترف له بالقدرة على الشيء وخلافه ليسل خيرها ويستعاذ من شرها، والاقتصار على المستعاذ منه في النداء والثناء ليس بتمجيد ولا تحميد والدعاء به ليس بدعاء.

ولا ينبغي أن يقال: يا خالق القردة والخنازير، ويا خالق الحيات والعقارب لأن هذه كلها ضارة مؤذية، فمن قال من ذكرنا فكأنما يقول: يا ضار أو مسلط الضرار، وليس ذلك لأن الدعاء بدعاء تعبد وتذلل وليس الإعراض عن دعاء الله بما توجبه نعمه العارضة منه على عباده له من الأسماء والتجريد لذكر ما خلق فتنة للناس من التعيذ في شيء فلذلك لا ينبغي أن يعيذ به في الدعاء. وبالله التوفيق.

وأما الفصل السادس: فغنه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سألتم الله فأعظموا الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه اعطاؤه) وليس معنى هذا أنه لا ينبغي لأحد أن يسل الله تعالى إلا شيئا عظيما، وإنما هو على أن من عظمت حاجته فلا يمنعه عظمها عنده من أن يسلها الله جل ثناؤه فإنها وإن تعاظمت فلا يتعاظم الله ولا يكبر عليه شيء. والعظيم والصغير من حاجات العباد في اتساع قدرته لقضائها.

وأما عوارض الحاجات فإن صغيرها وكبيرها متفقان في أن سبيلهما أن يرفعا إلى الله جل ثناؤه ويتوقع نجاحهما من عنده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسألوا الله حوائجكم كلها حتى شسع نعالكم إذا انقطع وحتى الملح).

وأما الفصل السابع: فإن الدعاء سؤال في عمد إلى سؤال غيره، فسرد يسرد أو هو لا يحيط بمعناه، وإن أحاط به كان مصروف الهم عنه إلى لفظه، وكان اختياره ذلك الدعاء على غيره لأجل الذي نظمه وإعجابه به لم يكن داعيا ولا سائلا وإنما يكون كالقاضي دعا غيره.

والمنشد شعر غيره إلا أن تكون استعانته بدعاء غيره لأن يجب أن يكون ما يسأل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015