فصح أن يكون يومئذ من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، كما أخبر به عن موسى عليه السلام، حيث قال لهم: لو كان حيا ما وسعه إلا أتباعي.

وجاء في بعض الأخبار أنه إذا نزل صلوات الله عليه صلى خلف الأمام ببيت المقدس ولم يتقدمه، وإنما صار حكما، فإنه لا سلطان له يومئذ للمسلمين، ولا إمام ولا قاضي ولا مفتي قد قبض الله العلم وخلا الناس منه فينزل، وقد علم بأمر الله عز وجل في السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه من علم هذه الشريعة للحكم به بين الناس والعمل به في نفسه فيجتمع المؤمنون عند ذلك إليه، ويحكموه على أنفسهم، أو يكون له أن يحملهم على أن يحكم بينهم، لأن تعطيل الحكم غير جائز، ولا أحد يصلح لذلك يومئذ غيره.

ولا يبعد على هذا أن يقال أن قتاله الدجال يكون من هذا الوجه، وذاك أنه إذا حصل بين ظهراني الناس وهم مفتونون، فدعم فرض الجهاد أعيانهم، وكان أحدهم لزمه من هذا الغرض لم يلزم غيره، فلذلك يقوم به، وذلك داخل في أتباع نبينا صلى الله عليه وسلم وبالله التوفيق.

فصل

وأما دابة الأرض، فإن الله تعالى ذكرها في القرآن: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.

فيحتمل أن يكون معنى وقوع القول عليهم: أي وجب الوعيد عليهم لتماديهم في العصيان والفسوق، وإعراضهم عن آيات الله عز وجل وتركهم تدبيرها والنزول على حكمها، وانتهائهم في الطغيان إلى ما لا تنجع فهيم موعظة، ولا تصرفهم عن غيهم تذكره بقول عز من قائل فإذا صاروا كذلك {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم}. أي دابة تعقل وتنطق، وذلك- والله أعلم- ليقع لهم العلم بأنها آية من قبل الله تعالى ضرورة، فإن الدواب في العادات لا كلام لها ولا عقل، فإذا خرجت لهم دابة تعقل وتكلم، ولم تكن مع ذلك من الدواب المعهودة، لكن دبة مباينة لأصناف الدواب، انبثقت عنها الأرض وكانت منفردة بنفسها لا يتعلق أمرها بمدعي نبوة أو أحد من الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015