أن يموت في السماء ولكن أمره يجري على ما قال الله تعالى: ليقره في الأرض مدة يراه فيها من يقرب منه ويسمع من ناب عنه، ثم يقبضه الله تعالى بتولي المؤمنين أمره، ويصلون عليه، ويدفن حيث دفن بقية الأنبياء الذين أمهم مريم من نسلهم، أعني الأرض المقدسة فينشر إذا نشر معهم.

هذا سبب إنزاله غير أنه يتفق في تلك الأيام من بلوغ الدجال باب الدماء قد وردت به الأخبار، فإذا اتفق ذلك، كان الدجال قد بلغ من فتنته أن ادعى الربوبية، والمؤمنون قلة لم يكن أحد لينتصب لقتاله ويتوجه نحو لخوف منه، ولا أحد بأن يظفر عليه، ويجري قتله على يده أولى منه، إذ كان ممن اصطفاه الله تعالى لرسالته، وأنزل عليه كتابه، وجعله آية، وأنه فعل هذا الوجه ليكون هذا الأمر لا أنه ينزل لقتال الدجال قصدا، والله أعلم.

وقد ورد الخبر بما ذكرنا من أنه يموت ويلي أمره المسلمون، ويصلون عليه، فمن هناك وقع الاشتقاق، بهذا الجواب وبالله التوفيق.

فصل

لئن سأل سائل: عن منزلة عيسى صلوات الله عليه إذا نزل أنه يكون نبيا أو غير نبي وإنه إذا كان حكما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لينزلن فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير" فبماذا يحكم وكيف يكون مع المسلمين أمره؟.

قيل له: -وبالله التوفيق-: أن عيسى صلوا الله عليه قد تناهت رسالته عندما بعث الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه القرآن، فإن عامة قومه لزمهم أن يدخلوا في دين محمد صلى الله عليه وسلم، وينتقلوا إلى دعوته وشريعته، فيرفضوا مما تقدم بخلافها ويعلموا بها يوافقها على أنه شريعة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنه شريعة موسى وعيسى صلوات الله عليهما.

وإذا كانت رسالته قد تناهت في ذلك الوقت، وقد أخبر الله عز وجل أن محمدا نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لم يجز أن يتوهم أن عيسى صلوات الله عليه إذا نزل نزل رسولا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015