منها أن للشمس الإشراق والإحراق، وللريح النسيم والسموم، وفي البحر الظفر بالرغائب والهجوم على المعاطب وللسحاب المطر وفيه الجهام القليل النفع والأسود الحياء والفخة وقد أتى بمثل هذا وتحرز مما أهمله هاهنا فقال في غيره:
لم نفتقدْ بك من مزنٍ سوى لثقٍ ... ولا من البحر غير الريحِ والسُفنِ
ولا من الليث إِلا قبح منظرهِ ... ومن سواهُ سوى ما ليس بالحُسنِ
وقال المتنبي:
لو لم يَهب لجب الوفود حوالُه ... لسوى إليه قطا الفلاةِ النَّاهِلُ
ما في سرى قطا الفلاة الناهل معنى طائل فإن كان إنما على كرمه بكثرة الوفود إليه فالطير ينفر من كثرة ضجيج الوفود وكيف خص ذلك القطا ونعتها بالناهل وما الفرق بين القطا العطشان والريّان في هذا إلا أن يكون أعتمد على قوله:
ولديْهِ مِلعقيان والأدبِ المُفا ... دِ وملْحياةِ وملمماتِ مناهِلُ
وهذه مناهل لا يقصدها القطا الناهل لأن هذه عبارة ليست من جنس الماء الذي يشربه القطا ويرده.
وقال المتنبي:
يدري بما بك قبل تُظْهرَه له ... من ذهنه ويجيب قبَل تُسَائِلُ
ليس يبلغ جودة الذهن إلى العلم بالشيء قبل الإخبار به ولا الإجابة قبل