فاصفح بفضلك عمّن جاء معترفاَ ... بزلَّةِ سبقت منه وقد نَدِما
مالي صلاحٌ ولا علمٌ ولا عَمَلٌ ... فامنن بعفوك يا من عفوهُ عمما
قال الجنيد: رأيتُ آدم عليه السلام في النوم وهو يبكي، فقلتُ: علامَ تبكي؟ أليس قد غفر لك ووعدك بالرجوع إلى الجنة؟ فناولني ورقة مكتوبة، قال: فأفقت فوجدت في يدي مكتوب:
تحرقني بالنار نارٍ من الهوى ... ونار الهوى نار أحرّ من النارِ
شغفت بجارٍ لا بدارٍ سكنتُها ... على الجار أبكي لا على فُرقة الدار
ولو لم يعدني بالرجوع إلى المنى ... هلكتُ ولكن مقصدي صاحب الدار
قال السريُّ: بتُّ ليلةً بقريةٍ من قرى الشام وإذا بقائل يقول طول الليل: أخطأتُ فلا أعود. فسألتُ أهل القرية عنه، فقالوا: هذا يقال له: فاقدُ إلْفِه. كانت الأمتعة الثمينة والذخائر النفيسة تأتي إلى مصر وتباع ولا ينظر إليها يوسف فإذا جاءت أحمال الصوف من كنعان لا تُحَلُّ إلاّ بين يديه.
" أسائل عنها فهل مخبز ".
هيهات لم يكن النظر لذات الصوف وإثما كانت له صفة تدل على الموصوف، ولم يكن إلاّ اشتمام ريح محبوبه، وإتيانها من عند يعقوبه.
لاحَ وعقد الليل مسلوب ... برق بنار الشوق مشبوبُ
عسى قميصُ الوصل من يوسفٍ ... يحيا به المشتاقُ يعقوبُ
كان أحد المتعبدين يجتهد في العبادة وكُلّما ذكر الله وصلّى يلوم نفسه ويقول: عدمتك يا قلب ما أقساك أصبحتَ وأمسيتَ لعظمة الله ناسياً، إلَهي كيف لي بالقرب منك وقاسي القلب بعيد عنك؟.
ليتَ شعري مَا الذي نلتُ أنا ... ليلةً أبرم فيها أمرنا
هل رضاني سيّدي عبداً له ... أو رماني حين اَلفتُ الخنا
ودعاني أمْرُهُ عن إذنه ... عبدُ سَوءٍ أنْتَ لم تصلح لنا
هكذا ياعبد سوءٍ هكذا ... بعدما واصلتنا قاطعتنا
قد دعوناك فما عجلت لنا ... واختبرناك فما أعجبتنا
أيها الغافلُ! رَحَلَت القوافل، كيف يكون حال المستهام، إذ اقُوِّضمت الخيام، وبرزت للرحيل الأعلام، يا معشر المحبين، ويا ذوي الأشواق، ما خُلق الفراق إلاّ لتعذيب العُشّاق، ولا خُلِق الرحيلُ والرواح، إلاّ لتعذيب الأرواح.
سَهَرْتُ غراماً والخَلِيُّون نُوَّمٌ ... وكيف ينامُ المستهامُ المُتيّمُ
ونادمني بعد الفراق ثلاثةٌ ... غرامٌ ووجد والسقام المُخَيِّمُ
أأحبابنا إن كان قتلي رضاكمُ ... فها مهجتي نَصْبٌ لكم فتحكّموا
" بنعمان " كم لي وقفةٌ في ظلاله ... أسائلُ كثبانَ " الأبيرقِ " عنكمُ
واستخبر الركبان عن ساكني الحمى ... وعن أهل نجد أين حَلّوا ويَمَّمُوا
بكيت الحمى حتى بكت لي قلاعُهُ ... وناديتُ وُرْقَ البانِ والقصد أنتمُ
أيا ساكني أرضَ " العذيب " لعلكم ... تزوروا مريضاً بالغرام مُتيَّمُ
ومن عَجَبِ الدنيا وأنتم أحِبَتي ... يُجارُ على ضعفي لديكم وأُظْلَمُ
ووجدي ذيّاك الذي تعرفونه ... وحبكم ذاك المصون المكتَمُ
وكيف يدوم الهجر والقلب عندكم ... ولم لا أحبّ السَقْمَ والسَّقْمُ أنتمُ
سادتي! ما أعذب أيام التلاق، ما أكثر بكاء المشتاق، ما أحرّ أنفاس العشاق، أين من نجدٍ أرضُ العراق، قُسِمَتِ الغنائم، وأنت يا مسكين نائم، الحربُ غبارٌ قائمٌ، وأنت غلامٌ نائم.
جئتُ مستخفياً وقد عرفوني ... فأنا تائب ترى يقبلوني
لي على الباب مُذْ وقفتُ زماناً ... كُلّما رمتُ وصلهم منعوني
لم اكن للوصال أهلاً ولكن ... انتمُ بالوصال أطمعتموني
فاجبروا كسر مُذنبٍ قد اتاكم ... يرتجي عفوكم بكم فارحموني
يا ولاة القلوب رفقاً بعبدِ ... ضاع منه فؤاده فاعذروني
في بحار الهوى غرقت بوجدي ... طال شوقي لهم وقد تركوني
أيها النفس ساعديني وجدّي ... ويح قلبي ومهجتي هجروني