الْحق فِي مَسْأَلَة أصولية أَو فروعية فَإِنَّمَا هُوَ لتَفْرِيطه فِيمَا يجب عَلَيْهِ لَا لعَجزه

وَهَذَا القَوْل هُوَ الْمَشْهُور عَن الْقَدَرِيَّة والمعتزلة وَهُوَ قَول طَائِفَة من أهل الْكَلَام غير هَؤُلَاءِ وَالْقَوْل الثَّانِي فِي أصل الْمَسْأَلَة أَن الْمُجْتَهد الْمُسْتَدلّ قد يُمكنهُ أَن يعرف الْحق وَقد يعجز عَن ذَلِك

لَكِن إِن عجز عَن ذَلِك فقد يُعَاقِبهُ الله وَقد لَا يُعَاقِبهُ وَهَذَا قَول الْجَهْمِية والأشعرية وَكثير من الْفُقَهَاء أَتبَاع الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَالْقَوْل الثَّالِث فِي هَذَا الأَصْل أَنه لَيْسَ كل من اجْتهد وَاسْتدلَّ يتَمَكَّن من معرفَة الْحق وَلَا يسْتَحق الْوَعيد إِلَّا من ترك مَأْمُورا أَو فعل مَحْظُورًا

وَهَذَا قَول الْفُقَهَاء وَالْأَئِمَّة وَهُوَ القَوْل الْمَعْرُوف عَن سلف الْأمة وَقَول جُمْهُور الْمُسلمين

وَهَذَا القَوْل يجمع الصَّوَاب من الْقَوْلَيْنِ

الأَصْل الثَّانِي قَول من يَقُول إِن الله لَا يعذب فِي الْآخِرَة إِلَّا من عَصَاهُ بترك الْمَأْمُور أَو فعل الْمَحْظُور وَالْأَصْل الَّذِي عَلَيْهِ السّلف وَالْجُمْهُور أَن الله لَا يُكَلف نفسا إِلَّا وسعهَا فالوجوب مَشْرُوط بِالْقُدْرَةِ والعقوبة لَا تكون إِلَّا على ترك مَأْمُور أَو فعل مَحْظُور بعد قيام الْحجَّة

وَقد ذكرنَا فِي غير هَذَا الْموضع حكم النَّاس فِي الْوَعْد والوعيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب وَأَن فَاعل السَّيِّئَات تسْقط عَنهُ عُقُوبَة جَهَنَّم بِنَحْوِ عشرَة أَسبَاب فَإِذا كَانَ هَذَا الحكم فِي الْمُجْتَهدين وَهَذَا الحكم فِي المذنبين حكما عَاما فِي جَمِيع الْأمة فَكيف فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا كَانَ الْمُتَأَخّرُونَ من الْمُجْتَهدين والمذنبين ينْدَفع عَنْهُم الذَّم وَالْعِقَاب بِمَا ذكر من الْأَسْبَاب فَكيف بالسابقين الْأَوَّلين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار

وَنحن نبسط هَذَا وننبه بالأدنى على الْأَعْلَى فَنَقُول كَلَام الذام للخلفاء ولغيرهم من الصَّحَابَة من رَافِضِي وَغَيره هُوَ من بَاب الْكَلَام فِي الْأَعْرَاض وَفِيه حق لله تَعَالَى لما يتَعَلَّق بِهِ من الْولَايَة والعداوة وَالْحب والبغض وَفِيه حق للآدميين أَيْضا

وَمَعْلُوم أَنا إِذا تكلمنا فِيمَن هُوَ دون الصَّحَابَة مثل الْمُلُوك الْمُخْتَلِفين على الْملك وَالْعُلَمَاء والمشايخ الْمُخْتَلِفين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015