بإخراج ابن التبني دون ابن الرضاع تحكم بلا دليل.
الثالث: أن الرضاع خالف النسب في أكثر الأحكام، وذلك لضعفه، فلم يثبت له من أحكام النسب سوى أربعة أحكام، هي: إباحة النظر، والخلوة، وثبوت المحرمية، وتحريم النكاح، فلم يكن ليقوى على ثبوت جميع الأحكام حتى المصاهرة، فأبو الزوج من الرضاع ليس صهراً للزوجة، لأن الرضاع لا تثبت به المصاهرة، فلا يثبت به من احكام النسب سوى الأربعة المذكورة.
الرابع: أن الله تعالى لما ذكر المحرمات في النكاح، قال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) (النساء: 24) ، فالأصل في المنكوحات الحل؛ يتزوج الرجل من شاء حتى يقوم الدليل على المنع، وحكم الحل عام؛ فلا يخصص منه شيء إلا بدليل ظاهر، وليس في المسألة دليل ظاهر على التخصيص، فلزم الأخذ بعموم الحل.
هذا ما ظهر لنا من تقرير الحل، ومع ذلك فليس من الظهور بحيث أقدم على الفتوى به، ولذلك فقد رأيت الفتوى بالاحتياط من الجانبين، فأقول بتحريم النكاح في هؤلاء دون ثبوت المحرمية، وجواز الخلوة والنظر، نظراً لاشتباه الدلالة من النصوص، واشتباه الدلالة كاشتباه الحال والسبب، وقد ثبت في ((الصحيحين)) : ((أن سعد بن ابي وقاص وعبد بن زمعة اختصما في غلام، فقال سعد: إنه ابن أخي عتبة، عهد إليّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأي شبهاً بيناً بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة)) (?) ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تحتجب منه مع أنه كان أخاها؛ وذلك