لما رأى من الشبه بعتبة، فجعل الحكم متبعضا، لذلك الغلام أخو سودة، لوجود سبب الحكم بالنسب، وهو الفراش، ولكن تحتجب منه، لوجود الشبه الدال على أنه لعتبة، فلما تجاذب الحكم سببان، أعملهما النبي صلى الله عليه وسلم، جميعاً، مراعاة للاحتياط.
ونظير ذلك، من حيث العمل بالاحتياط: ما ذكره الفقهاء - رحمهم الله- فيما إذا وطئ رجلان امرأة بشبهة، وأتت بولد، فأرضعت بلبنه طفلاً:
فإن ألحق المولود بهما: فالطفل الراضع ولد لهما معاً.
وإن ألحق المولود بأحدهما: فالرضيع ولده فقط.
وإن لم يلحق المولود بهما؛ لكونه مات قبل الإلحاق، أو عدمت القافة، أو نفته عنهما، أو أشكل عليها الأمر، ففي هذه الصور: يكون الولد الرضيع ولداً لهما من جهة تحريم النكاح فقط، لا في ثبوت المحرمية، وجواز الخلوة والنظر.
فترى الفقهاء- رحمهم الله- في هذه المسألة جعلوا الحكم مبعضاً مراعاة لجانب الاحتياط.
وبهذا عرف أن الأحكام تتبعض عند الاشتباه وتعارض الأسباب إذا أمكن العمل من الجانبين، والله تعالى أعلم.
واعلم: أني إنما عزوت القول بالحل إلى شيخ الإسلام ابن تيميه، لأنه صرح به عنه ابن رجب في ((قواعده)) (ص152) ، وصرح به في ((الاختيارات)) (ص213) .
والعجيب: أن ابن القيم- رحمه الله- نقل عنه التوقف، ذكره (ص328ج4) من ((زاد المعاد)) وأنه قال: إن كان قد قال أحد بعدم التحريم، فهو أقوى. اهـ.