مستقذراً طهوراً، لم يلزمه قبوله، فانتقض قولكم.
وإذا كنتم معترفين أن هذا الدليل إنما يفيدكم الظن فقط- وقد ثبت أن الظن أكذب الحديث- فقد وقعتم في المحرم يقيناً، أصبتم أم أخطأتم؛ لأنكم أفتيتم بظن مجرد؛ فإن قوله: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) كلام عام من جوامع الكلم، فإن دخل فيه هذا، خالفتم النص، وإن لم يدخل فيه، وسكت عنه الشارع، لم يحل الكلام فيه، وعصيتم قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (المائدة: 101) .
وإذا تركتم هذا اللفظ العام الجامع مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) (?) ، فقد وقعتم في طريق أهل الزيغ حيث تركتم المحكم، واتبعتم المتشابه.
فإن قلتم: ((لم يتبين لنا أنه طهور، وخفنا أن النهي يؤثر فيه)) :
قلنا: قد جعل الله لكم مندوحة، وهي الوقف وقول: ((لا ندري)) ، أما الجزم بأن الشارع جعل هذا طاهراً غير مطهر، فهو قول على الله بلا علم، وبحث في المسكوت عنه، واتباع للمتشابه، وترك لقوله: ((وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)) !
فائدة
قال ابن القيم في ((إغاثة اللهفان)) (ص164) المطبعة الميمنيّة التي بهامشها ((طريق الهجرتين)) :
ولهذا قال كل من قال بتحريم جمع الثلاث: إنه لا يجوز له أن يردف الطلقة بأخرى في ذلك الطهر؛ لأنه غير مطلق للعدة؛ فإن العدة قد استقبلت من حين الطلقة الأولى؛ فلا تكون الثانية للعدة.