(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا وَيُعْرَفُ مِنْ حَالِهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَرَفَتْ مَصَالِحَهَا مَعَ السَّلَامَةِ فَكَانَتْ كَالثَّيِّبِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا بِكْرٌ فَلَزِمَهَا إجْبَارُ الْأَبِ كَاَلَّتِي لَمْ تُعَنَّسْ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِاعْتِبَارِ التَّعْنِيسِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ حَدَّ التَّعْنِيسِ الثَّلَاثُونَ سَنَةً وَالْخَمْسَةُ وَالثَّلَاثُونَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ.
(فَصْلٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْبِكْرُ عِنْدَ مَالِكٍ الَّتِي لَمْ تَذْهَبْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءٍ مُبَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَأَمَّا الَّتِي ذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءِ زِنًا فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْبِكْرِ فِي الْإِجْبَارِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ وَرَوَى ابْنُ حَارِثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُهَا وَهِيَ كَالثَّيِّبِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجْبَارَ إنَّمَا هُوَ مِمَّا جُبِلَ عَلَيْهِ الْأَبْكَارُ مِنْ الْحَيَاءِ فِي ذِكْرِ الزَّوْجِ، وَالزِّنَا يَزِيدُهَا حَيَاءً فَكَانَ حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ حُكْمَ الْبِكْرِ فَنَقُولُ إنَّهَا لَمْ تَذْهَبْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءٍ مُبَاحٍ فَكَانَ لَهَا حُكْمُ الْبِكْرِ كَالَّتِي ذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا بِطَفْرَةٍ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هُنَا ذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءٍ فَثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الثُّيُوبَةِ كَاَلَّتِي ذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءِ الزَّوْجِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِمَا فَأَوْرَدَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِعْلَهُمَا وَأَخَذَ بِهِ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِئْمَارَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ مَنْعًا مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ لِمَا لَمْ يَرَيَاهُ وَاجِبًا.
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَدِينَةِ وَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ جَازَ قَالَ عِيسَى وَأَنْكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُشَاوِرَهَا أَبُوهَا.
فَوَجْهُ اسْتِحْسَانِ مَالِكٍ اسْتِئْمَارَهَا أَنَّهَا رُبَّمَا كَرِهَتْ بَعْضَ مَنْ يَرْضَاهُ أَبُوهَا فَيَدْخُلُ عَلَيْهَا مَضَرَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ فِعْلُهَا وَلَا عُقُودُهَا حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا يُرِيدُ بِنَاءَ زَوْجِهَا بِهَا وَيُعْرَفُ مِنْ حَالِهَا يُرِيدُ أَنْ يُعْرَفَ رُشْدُهَا وَتَمْضِي مُدَّةٌ يَعْلَمُ بِهَا أَنَّهَا قَدْ خَبَرَتْ أَحْوَالَ النَّاسِ وَعَرَفَتْ وُجُوهَ مَصَالِحِهَا وَرَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حَتَّى يُعْرَفَ مِنْ حَالِهَا قَالَ: هُوَ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ لَهَا أَنَّهَا صَحِيحَةُ الْعَقْلِ حَسَنَةُ النَّظَرِ فِي مَالِهَا مُصْلِحَةٌ لَهُ حَابِسَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا يَكُونُ هَذَا بِشَهِيدَيْنِ حَتَّى يَشْهَدَ لِهَؤُلَاءِ مَنْ قُدِّمَ وَيُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهَا وَيُشْهَرَ فَإِذَا جَرَّبَ هَذَا مِنْهَا وَبَنَى بِهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَدِيثَةُ السِّنِّ جَازَ أَمْرُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِسَنَةٍ وَأَقَلَّ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِثْلَهُ وَالْبِكْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ فِي مَالِهَا وَأَمَّا الْبَالِغُ فَإِنَّ مَالِكًا لَا يُجَوِّزُ فِعْلَهَا فِي مَالِهَا يَتِيمَةً كَانَتْ أَوْ ذَاتَ أَبٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي مَالِهَا بِنَفْسِ بُلُوغِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْأَبُ رِضَاهَا فِي إنْكَاحِهَا فَإِنَّ لَهُ النَّظَرَ لَهَا فِي مَالِهَا كَالصَّغِيرَةِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرَ فِي الرُّشْدِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِمَصَالِحِ الْمَالِ وَمَنَافِعِهِ وَتَثْمِيرِهِ وَالْحِفْظُ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ النَّاسِ وَمُعَامَلَتِهِمْ وَالتَّصَرُّفِ مَعَهُمْ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ حَالِ الْبِكْرِ الِانْقِبَاضُ عَنْ مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَمُبَاشَرَتِهِمْ وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَهْلَهَا بِصَلَاحِ مَالِهَا وَمَنَافِعِهِ وَتَثْمِيرِهِ مَعَ الْحَيَاءِ الْغَالِبِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُرَاجَعَةِ فِيهِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ شَرْطًا فِي الرُّشْدِ الَّذِي يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمَالِ إلَى الْيَتِيمَةِ كَالْبُلُوغِ وَنُحَرِّرُ مِنْهُ دَلِيلًا فَنَقُولُ: إنَّهُ مَعْنًى يَمْنَعُ فِي الْغَالِبِ الْقِيَامَ بِحِفْظِ الْمَالِ وَتَثْمِيرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَعَدَمِ الْبُلُوغِ.
(فَرْعٌ) وَهَذَا حُكْمُ ذَاتِ الْأَبِ فَأَمَّا الْيَتِيمَةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجِيزُ لِلْبِكْرِ قَضَاءً فِي مَالِهَا بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى تَبْلُغَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ عَلَيْهَا وَلِيٌّ لَا يَجُوزُ أَمْرُهَا فِي مَالِهَا فَإِنْ لَمْ