(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الْأَبْكَارَ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نِكَاحِ الْأَبْكَارِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَزْوِيجِ بَنَاتِهِ لَا يَجُوزُ إيصَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ لَهُ وَجْهًا فَيُمْضِي الْوَصِيَّةَ وَيُوَكِّلُ النَّصْرَانِيُّ مَنْ يُزَوِّجُهُنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّقْصَ فِي الدِّينِ يَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَى الْأَبْضَاعِ فَبِأَنْ يَمْنَعَهُ ذَهَابُ الدِّينِ جُمْلَةً أَوْلَى.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُزَوِّجُ الْيَتِيمَةَ الْمُوصَى بِهَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْمُسْلِمَةَ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ.
1 -
(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْمُسْلِمُ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ وَقَالَ أَمِنْ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ هِيَ؟ قِيلَ نَعَمْ قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَا لَهُ وَمَا لَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَ ابْنَتِهِ النَّصْرَانِيَّةَ لِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا يَلِيهَا أَبُوهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اخْتِلَافُ الدِّينَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ نَصْرَانِيًّا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلنِّكَاحِ كَالسَّيِّدِ الْمُسْلِمِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُزَوِّجُ النَّصْرَانِيَّةَ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمَ مِنْ مُسْلِمٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً ذِمِّيَّةً وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً فَذَلِكَ لَهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لِمَوْلَاهَا إنْكَاحُهَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُزَوِّجُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ أُخْتُهُ كَانَتْ أَوْ أَمَتُهُ وَإِذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْإِمَامِ رَدَّهَا إلَى أَهْلِ دِينِهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْكَاحُ السَّكْرَانِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ السَّكْرَانِ وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ سَبِيلُ السَّكْرَانِ فِي نِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ سَبِيلُ الْمَعْتُوهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ صِحَّتِهِ لِنَقْصِهِ وَلِذَلِكَ أَلْزَمَهُ طَلَاقَهُ وَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْتُوهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْهُ لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَمَيْزِهِ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ تَجُوزُ أَفْعَالُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ بَقِيَ مَعَهُ عَقْلُهُ وَمَيْزُهُ مَا يَصِحُّ بِهِ قَصْدُهُ وَاخْتِيَارُهُ فَيَلْزَمُهُ عَقْدُهُ وَلَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ مَيْزُهُ لَمَا لَزِمَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا إذَا بَلَغَ حَدَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَصْدٌ وَلَا عَقْدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْفِسْقُ فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي وِلَايَةَ النِّكَاحِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَصِحُّ مِنْ الْفَاسِقِ وِلَايَةٌ فِي النِّكَاحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا ذَكَرٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ أَصْلُ ذَلِكَ الْعَدْلُ.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهُمَا كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الْأَبْكَارَ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ يَقْتَضِي أَنَّ إنْكَاحَهُ إيَّاهُنَّ لَازِمٌ لَهُنَّ وَهَذَا مَعْنَى إجْبَارِهِ وَالْبِكْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: صَغِيرَةٌ وَبَالِغٌ وَمُعَنَّسٌ فَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا وَيَجُوزُ إنْكَاحُهُ لَهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَجَعَلَ عَلَى اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ عِدَّةً وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ نِكَاحٍ وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا» .
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْبَالِغُ فَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجْبِرُهَا الْأَبُ عَلَى النِّكَاحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ بِكْرٌ لَا يَفْتَقِرُ عَقْدُ نِكَاحِهَا إلَى نُطْقِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَكَانَ لِلْأَبِ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ كَالصَّغِيرَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ وَهِيَ الْمُعَنَّسُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إجْبَارِهَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهَا إذَا عَنَسَتْ لَمْ يُزَوِّجْهَا إلَّا بِرِضَاهَا وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُجْبِرُهَا وَإِنْ عَنَسَتْ وَبَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ سِنًّا لَا تَبْلُغُهُ غَالِبًا إلَّا مَنْ