(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQتُوَلِّ جَازَ أَمْرُهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَمَّا الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعَطِيَّةُ فَلَا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ وَالْحَارِثُ وَسَحْنُونٌ يَجُوزُ صَنِيعُهَا كُلُّهُ مَا لَمْ تُوَلَّ بِوَلِيٍّ.

1 -

(فَرْعٌ) فَإِذَا كَانَتْ ذَاتَ أَبٍ أَوْ يَتِيمَةً وَقُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي بَكَارَتِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَعَرَفَ رُشْدَهَا فَإِنَّ قَضَاءَهَا فِي مَالِهَا جَائِزٌ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَخَّرَ قَضَاؤُهَا فِي مَالِهَا بِسَنَةٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْهُ وَإِنْ عَلِمَ سَفَهَهَا اُسْتُدِيمَ الْحَجْرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَعْلَمَ رُشْدَهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ نَعْلَمُهُ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْهَا إذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَسَيَأْتِي بَيَانٌ فِي بَابِ الْحَجْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَهَا تَوَقَّفَ فِيهَا مُدَّةً يَخْتَبِرُ حَالَهَا بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ فِي مِثْلِهِ صَلَاحُ أَفْعَالِهَا وَفَسَادُهَا.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَضَاؤُهَا فِي مَالِهَا بِقُرْبِ بِنَائِهَا بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْبَيِّنَةُ بِرُشْدِهَا عَلَى مَنْ يُرِيدُ إجَازَةَ قَضَائِهَا إلَى انْقِضَاءِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ بِهَا وَكَذَلِكَ مَا قَارَبَ السَّنَةَ وَإِنْ كَانَ قَضَاؤُهَا بِذَلِكَ بَعْدَ السَّنَةِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ رَدَّ قَضَائِهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ يَكُونُ لَهَا الْقَدْرُ وَالْمَالُ فَتُرِيدُ أَنْ تَهَبَ مِنْهُ وَتَتَصَدَّقَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَالُهَا بِيَدِهَا فَأَمْرُهَا جَائِزٌ إنْ كَانَتْ قَدْ أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا أَوْ وَلَدَتْ وَإِنْ كَانَ مَالُهَا عِنْدَ أَبِيهَا أَوْ وَصِيِّهَا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى تَلِيَ نَفْسَهَا وَوَجْهُ اعْتِبَارِهِ السَّنَةَ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ طُولُ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالسَّنَةِ كَمَعْرِفَةِ الْعُنَّةِ وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهَا فَإِنَّ كَوْنَ مَالِهَا بِيَدِهَا دَلِيلٌ عَلَى تَرْشِيدِهَا وَتَجْوِيزِ أَمْرِهَا كَمَا إنْ قَبَضَهُ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى الْحَجْرِ عَلَيْهَا وَالْمَنْعِ لَهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ.

(ش) : قَوْلُهُمْ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا عَلَى النِّكَاحِ مِمَّنْ شَاءَ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ الضَّرِيرِ وَالْقَبِيحِ وَمِمَّنْ هُوَ أَدْنَى حَالًا مِنْهَا وَأَقَلُّ مَالًا وَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ مَجْبُوبٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ عَلِمَتْ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ رَأَيْت لِسَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِي الْخَصِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْسَخَ بِهِ نِكَاحَ الزَّوْجِ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي هِيَ الْعُنَّةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ إلْزَامُهَا ذَلِكَ كَمَا لَوْ ظَهَرَتْ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا الْأَبُ مِنْ مَجْنُونٍ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَلَا مِنْ أَبْرَصَ مُنْسَلِخٍ وَلَا مَجْذُومٍ مُقَطَّعٍ قَدْ مُنِعَ الْكَلَامَ وَتَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَ بِهِ ضَرَرٌ فِي بَدَنِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْسِنَ النَّظَرَ لَهَا وَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلِلْإِمَامِ رَدُّهُ قَالَهُ أَصْبَغُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا الْأَبُ وَحْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْجَدَّ يُجْبِرُ كَالْأَبِ وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ عُصْبَةٌ يَحْجُبُهُ الْأَبُ فَلَمْ يَمْلِكْ الْإِجْبَارَ بِالنَّسَبِ كَالْأَخِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ حُكْمَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ حُكْمُ الْبِكْرِ فِي إجْبَارِ الْأَبِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الصِّغَرَ مَعْنًى يَمْنَعُهَا التَّصَرُّفَ فِي بِضْعِهَا كَالْبَكَارَةِ.

(فَرْعٌ) وَمَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهَا حُكْمُ الْإِجْبَارِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَنْقَطِعُ عَنْهَا بِالْمَحِيضِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا الْأَبُ وَإِنْ حَاضَتْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الثُّيُوبَةَ مَعَ الْبُلُوغِ تَقْطَعُ الْإِجْبَارَ وَقَدْ وُجِدَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَلَكَ الْأَبُ إجْبَارَهَا فَلَمْ يَنْقَطِعْ ذَلِكَ بِالْبُلُوغِ كَالْبِكْرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015