لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَأَذِنْت لَك إلَى الْمَسْجِدِ يَكُونُ ذَلِكَ نَسَقًا مُتَتَابِعًا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ حَنِثَ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ حِنْثٌ إنَّمَا الْحِنْثُ فِي ذَلِكَ حِنْثٌ وَاحِدٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نَذْرِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيَثْبُتُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَسَدِهَا وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِزَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَهُ) .

الْعَمَلُ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً تَضَمَّنَتْ أَشْيَاءَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا مُعَيَّنًا وَلَا يَلْبَسَ ثَوْبًا وَلَا يَدْخُلَ بَيْتًا وَلَا يُكَلِّمَ رَجُلًا فَإِنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يُجْزِئُ فِي حِلِّهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ اسْتِثْنَاءٌ وَاحِدٌ وَفِي حِلِّهَا بِالْكَفَّارَةِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الِامْتِنَاعِ مِنْ إبْعَاضِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَأَكَلَ الطَّعَامَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ أَوْ دَخَلَ الْبَيْتَ أَوْ كَلَّمَ الرَّجُلَ فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا حَلَفَ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْإِيجَابِ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ لَيَفْعَلَنَّ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَيَأْكُلَنَّ الْخُبْزَ وَلَيَلْبَسَنَّ الثَّوْبَ وَلَيَدْخُلَنَّ الْبَيْتَ وَلَيُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِفِعْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ لِامْرَأَتَيْهِ فَقَالَ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ فِيهِمَا وَيُطَلَّقَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَطْلُقُ الدَّاخِلَةُ وَحْدَهَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَدْخُلَ الْمَرْأَتَانِ الدَّارَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ يُوجِبُ الْحِنْثَ بِفِعْلِ بَعْضِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ أَصْلُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ الرَّغِيفَ فَأَكَلَ بَعْضَهُ وَلِأَنَّ هَذَا الْحَالِفَ قَصَدَ مَنْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ وَفَعَلَ مَخْرَجَ يَمِينِهِ وَحِنْثِهِ فِيهِمَا بِطَلَاقِهِمَا فَمَنْ حَنِثَ فِي شَيْءٍ مِنْ يَمِينِهِ فَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِطَلَاقِهِمَا جَمِيعًا.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي اقْتَضَتْ يَمِينُهُ الْمَنْعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ دُخُولُ الدَّارِ وَقَدْ وُجِدَ جَمِيعُهُ وَلَمْ تَقْتَضِ الْيَمِينُ اسْتِيعَابَ طَلَاقِهِمَا بِدُخُولِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَا يَجِبُ بِهِ الْعُمُومُ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَالِاسْتِغْرَاقَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَوْ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَهُ بِالْيَمِينِ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مَنْعَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ وَأَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ بِطَلَاقِهِمَا وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا اقْتَضَتْ أَنْ لَا تَدْخُلَ زَوْجَتَاهُ الدَّارَ وَمِنْ ذَلِكَ مَنَعَتْهُ يَمِينُهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بِدُخُولِ إحْدَاهُمَا فَلَمْ يَحْنَثْ فِي شَيْءٍ مِنْ يَمِينِهِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ نَذْرَ ذَاتِ الزَّوْجِ لَازِمٌ لَهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِالْجَسَدِ فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِالْمَالِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَقْتَصِرَ بِهِ عَلَى الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ أَوْ تَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ فَلَا اعْتِرَاضَ فِيهِ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ كُلَّ حُرٍّ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالِهِ دُونَ الْمُعَارَضَةِ فِيهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي ثُلُثِهِ وَلَا تَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَالْمُوصِي وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِالْيَسِيرِ وَإِذَا احْتَجْنَا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ فَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَرْأَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِمَالِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَمِينُك» فَإِذَا كَانَتْ إنَّمَا تُنْكَحُ لِمَالِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَعْدَ أَنْ زِيدَ فِي صَدَاقِهَا مِنْ أَجْلِهِ أَنْ تُتْلِفَ جَمِيعَهُ وَتَهَبَهُ غَيْرَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ زَادَتْ فِي ذَلِكَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ لِلزَّوْجِ الرَّدُّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا إذَا زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ فَهِيَ مُتَعَدِّيَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ تَعَدِّيَهَا وَمَا كَانَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ فَلَيْسَتْ بِمُتَعَدِّيَةٍ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُرَدَّ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَهَلْ لَهُ رَدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015