(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ مَثَلًا فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ وَلَا أَلْبِسُ هَذَا الثَّوْبَ وَلَا أَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَكَانَ هَذَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَالَ هَذَا مَا لَا غَايَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ مِنْ الْأَيْمَانِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ فَظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ وَأَنَّهُ إذَا نَوَى الْعُمُومَ لَزِمَهُ أَشَدُّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَا نَقُولُهُ لِقَوْلِنَا بِالْعُمُومِ وَمَا أَلْزَمَهُ مِنْ قَوْلِنَا كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَلْزَمُهُ الْأَيْمَانُ الْمُطْلَقَةُ دُونَ الْأَيْمَانِ الْمُعَلَّقَةِ بِصِفَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَفَرَّعَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيِّينَ فِي الْحَالِفِ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَيُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ قَوْلًا أَرَاهُ أَرَادَ بِهِ تَسْهِيلَ هَذِهِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ فَإِنَّ كَفَّارَتَهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَصِحُّ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا عَلِمْت وَلَوْ صَحَّتْ لَجَازَ أَنْ يَلْحَقَهَا التَّخْصِيصُ أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ رَأْيًا رَأَتْهُ لَمْ تُوَافِقْ عَلَيْهِ فَرَأَيْت لِلْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ قَالَ وَأَرَادَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ جَمِيعِ أَسْبَابِهَا وَآلَاتِهَا وَهُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ مِنْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى إثْبَاتِهِ مِنْ جِهَةِ لُغَةٍ وَلَا شَرْعٍ وَلَا أَوْرَدَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَوْ صَحَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَلُّقٌ بَلْ هُوَ عَكْسُ مَا نَقُولُهُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْأَيْمَانَ اللَّازِمَةَ اسْمٌ لِلْحَلِفِ بِاَللَّهِ فَلَا يَلْزَمُ بِهَا إلَّا مَا يَلْزَمُ الْحَالِفُ بِاَللَّهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ اسْمًا لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَ الْحَالِفُ بِهَا جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ حَلَفَ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي جَمِيعِ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ النِّسَاءِ لِأَنَّ يَمِينَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَّا أَعَمُّهُ أَوْ الْمُعْتَادُ مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا بِأَعَمِّهِ وَلَا الْمُعْتَادِ مِنْهُ وَلَا هُوَ قُرْبَةٌ فَيَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الصِّيَامُ فَاَلَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ قَوْلُنَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَهُوَ أَعَمُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ رَقِيقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُمْ لِأَنَّ حُكْمَ الْيَمِينِ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِهِمْ كَالطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَلَا غَيْرِهَا.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ فِي أَشَدِّ مَا اتَّخَذَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْعُرْفِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يَحْلِفُ إنَّمَا يَحْلِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ وَيَجِبُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّينَ الثُّلُثُ لِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَقَادِيرِ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُرْفٍ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَالِهِ أَوْ جَمِيعُهُ عَلَى حَسَبِ مَا لَزِمَ بِالصَّدَقَةِ أَوْ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ لَكِنَّهُ لَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا إلَّا التَّعَلُّقُ بِالْأَكْثَرِ مَعَ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ بَلَدِنَا وَالتَّعَلُّقُ بِالْعُرْفِ خَاصَّةً عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ فَقَالَ إنِّي حَاشَيْت الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِنِيَّتِي فَأَمَّا مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ وَالْعِتْقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِ فِيهِ وَأَمَّا مَا لِلْإِمَامِ الْمُطَالَبَةُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ فَيَجْرِي الْقَوْلُ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ شُيُوخِنَا فِيمَنْ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ بِالْحَلَالِ كُلِّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حَاشَا الزَّوْجَ بِنِيَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا يَقِفُ عَلَيْهِ النَّاظِرُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015