(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَأَكَّدَهَا ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ كِسْوَةُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَلَمْ يُؤَكِّدْهَا ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ كُلِّهِ أَمْ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ رَدَّ جَمِيعِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا فِي الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ جَمِيعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ عِتْقِ الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الزَّوْجَةُ إذَا زَادَتْ فِي هِبَتِهَا كَانَتْ مُتَعَدِّيَةً وَلَمْ يَخْتَصَّ التَّعَدِّي بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بَلْ اخْتَصَّ بِالْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ الْمَالِ عَلَى مِلْكِهَا كَالْمُفْلِسِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ الْمُوصِي يُمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ مَعَ خُرُوجِ الْمَالِ عَنْ مِلْكِهِ فَلِذَلِكَ رَدَّ إلَى الثُّلُثِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ثُلُثِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ كَالْمُوصِي وَهُوَ أَقْيَسُ وَأَجْرَى عَلَى الْأُصُولِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ أَوْ الْإِجَازَةَ فَهَلْ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ أَوْ الرَّدِّ قَالَ أَصْبَغُ هُوَ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ مَالٌ لِلزَّوْجَةِ وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَمَا أَوْجَبَتْهُ فِي مَالِهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ فَلَمْ يَجُزْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِإِجَازَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا شَهِدَ الزَّوْجُ قَبْلَ يَمِينِهَا أَنَّهَا مَتَى حَلَفَتْ فِي كَذَا وَحَنِثَتْ فَقَدْ أَجْزَتْ مَا حَلَفَتْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهَا وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ بِذَلِكَ قَبْلَ يَمِينِهَا فَقَدْ أَشْهَدَ قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْإِعْرَاضِ فِي شَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَوْ وُجُودِ سَبَبِ وُجُوبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا حَلَفَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَا زَوْجَ لَهَا فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ حَنِثَتْ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْحِنْثِ دُونَ حَالِ الْيَمِينِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِجَسَدِهَا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَضُرَّ بِالزَّوْجِ كَكَثِيرِ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ بِهِ كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَصِيَامِ يَوْمٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِزَوْجِهَا مَنَعَهَا مِنْهُ لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِمَا يَمْنَعُ مِنْهُ وَلَكِنَّ ذَلِكَ يَبْقَى بِذِمَّتِهَا حَتَّى تَجِدَ إلَى أَدَائِهِ السَّبِيلَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالزَّوْجِ كَانَ لَهَا تَعْجِيلُ فِعْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْعَمَلُ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَأَكَّدَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِتَأْكِيدِهَا تَكْرَارَ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَأْكِيدَهَا بِتَكْرَارِهَا مِرَارًا وَلَعَلَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَكَانَ يَرَى فِي تَأْكِيدِهَا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِأَرْفَعِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ الْعِتْقُ أَوْ يَرْفَعَ عَنْ أَدْنَى الْكَفَّارَاتِ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ إلَى مَا هُوَ أَرْفَعُ وَهُوَ الْكِسْوَةُ وَالْإِطْعَامُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي التَّأْكِيدِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ صَامَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] .

1 -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015