. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ.
(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ فَقَدَّمَ وُضُوءَهُ وَأَخَّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ فَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْغُسْلِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّهُ رَاعَى الْمُوَالَاةَ فِي الْوُضُوءِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَصُورَتِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ فِي ذَلِكَ أَغْرَاضٌ مَقْصُودَةٌ:
أَحَدُهَا: تَسْهِيلُ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَأُصُولِ الشَّعْرِ وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْوَاضِحَةِ.
وَالثَّانِي: مُبَاشَرَةُ الشَّعْرِ بِالْيَدِ عَلَى أَكْثَرِ مَا يُمْكِنُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ إمْرَارِ الْيَدِ عَلَى جَمِيعِ الْجَسَدِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) وَهَذَا حُكْمُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فِي التَّخْلِيلِ فِي الطَّهَارَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَيْسَ عَلَى الْمُغْتَسِلِ مِنْ الْجَنَابَةِ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ انْتَقَلَ إلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْبَشَرَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ حُكْمُ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ بِإِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهَا.
وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِيعَابَ جَمِيعِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ وَاجِبٌ وَالْبَشَرَةُ الَّتِي تَحْتَ اللِّحْيَةِ مِنْ جُمْلَتِهِ فَوَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَمُبَاشَرَتِهَا بِالْبَلَلِ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَى الشَّعْرِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ وَنِيَابَةُ الْإِبْدَالِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلِذَلِكَ جَازَ فِيهَا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يُجْزِئْ فِي الْغُسْلِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا شُرِعَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ التَّكْرَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَمَامِ الطَّهَارَةِ لِأَنَّ الْغَرْفَةَ لَا تَجْزِي فِي اسْتِيعَابِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ غَسْلِ رَأْسِهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَتَخَرَّجُ فِي تَخْلِيلِ شَعْرِ الرَّأْسِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَعَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يَجُوزُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ بَشَرَةَ الرَّأْسِ مَمْسُوحَةٌ فِي الْوُضُوءِ مَغْسُولَةٌ فِي الْغُسْلِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ حُكْمُ شَعْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَشَرَةُ الْوَجْهِ فَإِنَّهَا مَغْسُولَةٌ فِي الْحَالَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَيْهَا وَاحِدًا فِي الْحَالَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْجِلْدِ يَكُونُ بِإِرْسَالِ الْمَاءِ بِالْيَدِ عَلَى الْجِسْمِ وَقَدْ يَكُونُ إمْرَارُ الْيَدِ مَعَ الْمَاءِ مُعِينًا فِي الْإِفَاضَةِ وَقَدْ يَجُوزُ خُلُوُّ الْإِفَاضَةِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا جُمِعَ عَلَى أَنَّ الْجِلْدَ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِهِ بِالْإِفَاضَةِ وَعِلْمنَا أَنَّ مِنْ الْجَسَدِ مَغَابِنَ وَمَوَاضِعَ لَا يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ بِإِرْسَالِهِ مِنْ أَعْلَى الْجَسَدِ حَتَّى يُوصَلَ إلَيْهَا بِالْيَدِ دَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إمْرَارَ الْيَدِ مُعْتَبَرٌ مَعَ الْإِفَاضَةِ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجَسَدِ مُتَسَاوٍ فِي الْغُسْلِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ إلَّا بِإِمْرَارِ الْيَدِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْجَسَدِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَبُو الْفَرَجِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] .
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِالِاغْتِسَالِ وَالِاغْتِسَالُ مَعْنًى مَفْعُولٌ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى إفَاضَةِ الْمَاءِ وَالْغَمْسِ فِي الْمَاءِ فَلِذَلِكَ فَرَّقَتْ الْعَرَبُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ غَسَلْت الثَّوْبَ وَقَوْلِهِمْ أَفَضْت عَلَيْهِ الْمَاءَ وَغَمَسْته فِي الْمَاءِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا أَحَدُ نَوْعَيْ الطَّهَارَةِ فَلَزِمَ فِيهَا إمْرَارُ الْيَدِ مَعَ الْمَاءِ كَالْمَسْحِ.
1 -
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إمْرَارَ يَدِهِ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يَجْعَلُ مَنْ يَلِي ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ يُعَالِجُهُ بِخِرْقَةٍ وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يُمِرُّ يَدَهُ عَلَى مَا يُدْرِكُهُ مِنْ جَسَدِهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ حَتَّى يَعُمَّ مَا لَمْ تَبْلُغْهُ يَدَاهُ وَلِلْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ