(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوُضُوءُ الْتَذَّ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَلْتَذَّ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْإِنْعَاظُ بِمُجَرَّدِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا وَلَا غَسْلَ ذَكَرٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ مَنْ أَنْعَظَ إنْعَاظًا قَوِيًّا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مُجَرَّدَ اللَّذَّةِ لَا يَجِبُ لَهَا طَهَارَةٌ حَتَّى يُقَارِنَهَا مَعْنًى آخَرَ مِنْ مُلَامَسَةٍ أَوْ مَذْيٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ) ش قَوْلُهُ مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَخَصَّ الْمَرْأَةَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ بِاللَّذَّةِ فِي الْأَغْلَبِ فَأَمَّا تَقْبِيلُ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لَيْسَ فِي قُبْلَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ مِنْ فَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وُضُوءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ إنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ اللَّذَّةِ مِنْ التَّقْبِيلِ عَلَى وَجْهِ الْإِشْفَاقِ وَالتَّحْنِينِ لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ الْوُضُوءُ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَعْرَى مِنْ اللَّذَّةِ فِي الْأَغْلَبِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ حُمِلَ نَادِرُهُ عَلَى حُكْمِ الْغَالِبِ كَالْجِمَاعِ لِلَذَّةٍ لَمَّا كَانَ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَذَّةٍ وَكَانَ ذَلِكَ بَابَهُ حُمِلَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ.
(ش) : قَوْلُهُ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَا أَصَابَهَا مِنْ مَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ التَّحَاتِّ فَيَكُونَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِقِيَامِهِ مِنْ نَوْمِهِ أَوْ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِغَسْلِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ يُرِيدُ الْوُضُوءَ الْمَشْرُوعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَصْفِنَا لَهُ وَمِنْ جُمْلَتِهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى آخِرِ الْغُسْلِ أَوْ تَقْدِيمِ ذَلِكَ فِي جُمْلَةِ الْوُضُوءِ فِي ابْتِدَاءِ الْغُسْلِ فَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ يُتِمُّ وُضُوءَهُ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ وَلَيْسَ الْغُسْلُ عَلَى تَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ غُسْلِهِ فَيَغْسِلَهَا فَذَلِكَ وَاسِعٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي غَسْلَ رِجْلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِي غَسْلَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي حَدِيثُ مَيْمُونَةَ فِي وَصْفِ غُسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَأَخَّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَذَى ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا هَذَا غُسْلُهُ مِنْ الْجَنَابَةِ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا افْتَتَحَ غُسْلَهُ بِوَجْهِهِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ خَتَمَهُ بِرِجْلَيْهِ الَّتِي هِيَ آخِرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِيَكُونَ سَائِرُ الْجَسَدِ تَبَعًا لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ فَعِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ تَخْلِيلَ شَعْرِ لِحْيَتِهِ وَتَخْلِيلَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ كَامِلًا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَة يَتَوَضَّأُ الْجَنْبُ قَبْلَ غُسْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فَإِنَّهُ إذَا غَسَلَ وَجْهُهُ خَلَّلَ أُصُولَ شَعْرِ لِحْيَتِهِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ غَرَفَ مَا يُخَلِّلُ بِهِ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ