. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْمَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّهُ قَالَ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ فَصَرَّحَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ غَيْرُ الشَّعِيرِ كَمَا بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّعِيرِ غَيْرُ مَا بَعْدَهُ لَمَّا أَوْرَدَ بَيْنَهُمَا لَفْظَ التَّقْسِيمِ أَوْ التَّخْيِيرِ وَلَا يُقْسَمُ الشَّيْءُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رَوَى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقَالَ «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالْأَقِطَ وَالتَّمْرَ إنَّ ذَلِكَ كَانَ قُوتَهُمْ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الطَّعَامِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تُخْرَجُ مِنْ الْقُوتِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُؤَدِّيهَا مِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قُوتِهِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تُؤَدَّى مِنْ تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالْأُرْزِ وَالدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَالزَّبِيبِ وَالْأَقِطِ وَالتَّمْرِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَلَسَ فَجَعَلَهَا عَشْرَةً وَقَالَ: إنْ أَخْرَجَ الدَّقِيقَ بِرِيعِهِ أَجْزَأَهُ، وَكَذَالِكَ الْخُبْزُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تُجْزِئُ إلَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ الشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ إلَّا أَنَّ الشَّعِيرَ يَدْخُلُ مَعَهُ الْقَمْحُ وَالسُّلْتُ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهَذِهِ مَعَانٍ تُبَيِّنَ الْقَوْلُ فِي جَوَازِ إخْرَاجِهَا ثُمَّ تُبَيِّنَ بَعْدَ ذَلِكَ صِفَةَ إخْرَاجِهَا فَأَمَّا الْقَمْحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالشَّعِيرُ ثَابِتٌ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
وَقَدْ انْفَرَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِقَوْلِهِ «كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ» وَلَيْسَ السُّلْتُ بِمَحْفُوظٍ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ وَاَلَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي جَوَازِ إخْرَاجِهِ أَنَّهُ حَبٌّ مِنْ جِنْسِ الْقَمْحِ تُجْزِئُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالشَّعِيرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَمْحَ وَالسُّلْتَ وَالشَّعِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ أَفْضَلُهُ الْقَمْحُ وَأَوْسَطُهُ السُّلْتُ وَأَدْوَنُهُ الشَّعِيرُ فَإِذَا كَانَ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الشَّعِيرِ وَهُوَ الْأَدْوَنُ فَبِأَنْ يُجْزِئَ إخْرَاجُ الْقَمْحِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالسُّلْتِ وَهُوَ الْأَوْسَطُ أَوْلَى وَأَحْرَى.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْعَلَسُ فَقَدْ قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِنَا فِي إلْحَاقِهِ بِالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ، وَالْكَلَامُ فِي إخْرَاجِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ أُلْحِقَ بِهِ عَلَى مَعْنَى الْجِنْسِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أُلْحِقَ بِهِ بِالْقِيَاسِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا التَّمْرُ فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ مُجْزِئًا وَهُوَ ثَابِتٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إخْرَاجِهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَفِيهِ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ تُجْزِئُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا وَعِنْدَ كَمَالِ نَمَائِهَا تُقْتَاتُ غَالِبًا فَجَازَ إخْرَاجُهَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْأَقِطُ فَإِنَّ إخْرَاجَهُ جَائِزٌ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِثْلُ قَوْلِنَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَفِيهِ أَوْ صَاعٌ مِنْ أَقِطٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ مَعْنَى يُجْزِئُ فِيهِ الصَّاعُ يُقْتَاتُ غَالِبًا يُسْتَفَادُ مِنْ أَصْلٍ تَجِبُ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ فَجَازَ إخْرَاجُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَالْحُبُوبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ وَيُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ حَبٌّ يُقْتَاتُ غَالِبًا تُجْزِئُ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ يَوْمَ تَمَامِهِ فَجَازَ إخْرَاجُهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا كَاللَّحْمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْقَطَانِيُّ الْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ فَهَلْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ مِنْهَا أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قُوتَهُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُخْرِجُ مِنْ الْقَطَانِيِّ