(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَأْتُونَ إلَى الْبَيْتِ فَيَسْرِقُونَ مِنْهُ جَمِيعًا، فَيَخْرُجُونَ بِالْعِدْلِ يَحْمِلُونَهُ جَمِيعًا أَوْ الصُّنْدُوقِ أَوْ الْخَشَبَةِ أَوْ بِالْمِكْتَلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا أَنَّهُمْ إذَا أَخْرَجُوا ذَلِكَ مِنْ حِرْزِهِ وَهُمْ يَحْمِلُونَهُ جَمِيعًا فَبَلَغَ ثَمَنَ مَا خَرَجُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِمْ الْقَطْعُ جَمِيعًا قَالَ: وَإِنْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَتَاعٍ عَلَى حِدَتِهِ فَمَنْ خَرَجَ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ دَارُ رَجُلٍ مُغْلَقَةً عَلَيْهِ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا شَيْئًا الْقَطْعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ مِنْ الدَّارِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الدَّارَ هِيَ حِرْزُهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ سَاكِنٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ وَكَانَتْ حِرْزًا لَهُمْ جَمِيعًا فَمَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِ تِلْكَ الدَّارِ شَيْئًا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ، فَخَرَجَ بِهِ إلَى الدَّارِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى غَيْرِ حِرْزِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْإِذْنِ لَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ خَرَجَ بِهِ مُسْتَسِرًّا فَكَانَ سَارِقًا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ سَارِقًا إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى صِفَةِ فِعْلِهِ دُونَ صِفَةِ فِعْلِ غَيْرِهِ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا اشْتَرَكُوا فِي إخْرَاجِ السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ وَمَبْلَغُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِمْ الْقَطْعُ، وَذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَسْتَطِيعُوا إخْرَاجَهُ إلَّا بِالتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إنَّمَا مَثَلُ الْجَمَاعَةِ تَسْرِقُ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَيُقْطَعُونَ كَالْجَمَاعَةِ يَقْطَعُونَ يَدَ الرَّجُلِ خَطَأً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ عَوَاقِلُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ كُلَّ عَاقِلَةٍ إلَّا عُشْرُ الدِّيَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ اشْتِرَاكُهُمْ فِي إخْرَاجِهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّعَاوُنِ، وَهُمْ مِمَّا يُمْكِنُ أَحَدُهُمْ الِانْفِرَادَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ مَشَقَّةٍ كَالثَّوْبِ أَوْ الصُّرَّةِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا يُقْطَعُ مَنْ أَخْرَجَ مِنْهُمْ نِصَابًا.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَتْ السَّرِقَةُ إذَا قُسِّطَتْ عَلَيْهِمْ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ فَعَلَيْهِمْ الْقَطْعُ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ ثَقِيلَةً، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى تَعَاوُنٍ قَطَعُوا إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعَاوُنِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا إنْ كَانَ يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبُعُ دِينَارٍ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَيْهِمْ الْقَطْعُ سَوَاءً كَانَتْ سَرِقَتُهُمْ يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهَا أَوْ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] وَهَذَا عَامٌّ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِيمَا لَوْ انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِذَا اشْتَرَكُوا فِيهِ وَجَبَ عَلَى جَمِيعِهِمْ الْحَدُّ كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ سَرَقُوا مَتَاعًا فَحَمَلُوهُ عَلَى دَابَّةٍ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ فَإِنَّ الْقَطْعَ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا أَنْ مَا نُقِلَ مِنْ الْمَتَاعِ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُخْرِجَهُ بِانْفِرَادِهِ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُونَهُ بِاجْتِمَاعِهِمْ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُخْرِجًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَاهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْآخَرُ فَلَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ جَمَّتِهِ وَلَا جُزْءٍ مِنْهُ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَكَانَ إخْرَاجُهُ مُتَعَلِّقًا بِجَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا جَمِيعُهُمْ، وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ الْخَفِيفُ الَّذِي يُخْرِجُهُ أَحَدُهُمْ دُونَ تَكَلُّفٍ فَإِخْرَاجُ جَمَاعَتِهِمْ لَهُ إنَّمَا هُوَ مَنْزِلَةُ الْقَبْضِ لَهُ، وَالِانْفِرَادُ بِهِ فَقَدْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِإِخْرَاجِ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْ خَرَجَ أَحَدُهُمْ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يُخْرِجْ غَيْرُهُمْ شَيْئًا فَالْقَطْعُ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ دُونَ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا اُعْتُبِرَ بِمَا أَخْرَجَ دُونَ مَا أَخْرَجَ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ش) : مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْحِرْزِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحِرْزَ إذَا كَانَ