(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ، ثُمَّ يُوجَدُ مَعَهُ مَا سَرَقَ فَيَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تُقْطَعُ يَدُهُ، وَقَدْ أُخِذَ الْمَتَاعُ مِنْهُ وَدُفِعَ إلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّارِبِ يُوجَدُ مِنْهُ رِيحُ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ وَلَيْسَ بِهِ سُكْرٌ فَيُجْلَدُ الْحَدُّ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُجْلَدُ الْحَدُّ فِي الْمُسْكِرِ إذَا شَرِبَهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا شَرِبَهُ لِيُسْكِرَهُ، فَكَذَلِكَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي السَّرِقَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا وَرَجَعَتْ إلَى صَاحِبِهَا، وَإِنَّمَا سَرَقَهَا حِينَ سَرَقَهَا لِيَذْهَبَ بِهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا عَلَيْهِ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزٍ وَلَا مَعَهُ حَافِظٌ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى خَدِيعَةٍ بِمَعْرِفَةٍ مِنْ الصَّبِيِّ لَمْ يُقْطَعْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ فَلَا يَثْبُتُ بِمَوْضِعِهِ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْحِرْزِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْحِرْزِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ هُوَ يَعْقِلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي حَلَّ فِيهِ مَنْزِلًا، وَلَوْ اتَّخَذَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مَنْزِلًا لَثَبَتَ لِلْمَوْضِعِ حُكْمُ الْحِرْزِ، وَقُطِعَ سَارِقُ مَا عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَافِظٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مِمَّنْ يُحْرِزُ مَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مَا عَلَيْهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ فِيمَنْ سَرَقَ خَلْخَالَ صَبِيٍّ أَوْ قُرْطَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ حُلِيِّهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ فِنَائِهِمْ وَالْأُخْرَى لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فَأَوْرَدَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَفْصِيلًا غَيْرَ أَنَّهُ يَقْتَضِي قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ فِي فِنَائِهِمْ أَنَّهُ صَغِيرٌ لَا يَمْتَنِعُ بِنَفْسِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرِينَ ضَرَبُوا أَقْبِيَتَهُمْ أَوْ أَنَاخُوا إبِلَهُمْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ بَعْضَ مَتَاعِهِمْ مِنْ الْخِبَاءِ أَوْ خَارِجِهِ، أَوْ سَرَقَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ مُعَقَّلَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُعَقَّلَةٍ إنْ كَانَتْ قُرْبَ صَاحِبِهَا مَعْنَاهُ أَنْ تُنَاخَ فِي مَنْزِلِهَا الَّذِي تَأْوِي إلَيْهِ بِقُرْبِ خِبَائِهِ، وَأَمَّا إنْ أَنَاخَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُلَهَا إلَى مَوْضِعِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحِرْزٍ لَهَا بِانْفِرَادِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ إبِلِهِمْ فِي الْمَرْعَى.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ سَرَقَ مَرْكَبًا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْقَطْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ كَانَتْ فِي الْمَرْسَى عَلَى وَتَدِهَا أَوْ بَيْنَ السُّفُنِ أَوْ مَوْضِعٍ هُوَ لَهَا حِرْزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَتْ مُخْلَاةً أَوْ افْتَلَتَتْ وَلَا أَحَدَ مَعَهَا فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهَا، وَإِنْ كَانَ بِهَا مُسَافِرُونَ فَأَرْسَوْا بِهَا فِي مَرْسًى وَرَبَطُوهَا وَنَزَلُوا كُلُّهُمْ وَتَرَكُوهَا فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ رَبَطُوهَا فِي غَيْرِ مَرْبِطٍ لَمْ يُقْطَعْ كَالدَّابَّةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَصْلُحُ أَنْ يُرْسَى بِهَا فِيهِ قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ فَالْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ يَنْزِلُ لَهَا فَهِيَ حِرْزُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَنْزِلٍ لَهَا فَلَيْسَ بِحِرْزٍ بِانْفِرَادِهِ حَتَّى يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَنْ يُحْرِزُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الَّذِي يَسْرِقُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَيُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ يَقْطَعُ يُرِيدُ أَنَّهُ وُجِدَ مَعَهُ الْمَتَاعُ خَارِجَ الْحِرْزِ، قَالَ أَشْهَبُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهُ إلَى الْحِرْزِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ مَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَطْعِ بِرَدِّ الْمَتَاعِ إلَى الْحِرْزِ.
(فَرْعٌ) وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْرَارِ وَالسَّرِقَةِ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ لِيَسْرِقَ فَاتَّزَرَ بِإِزَارٍ ثُمَّ شُعِرَ بِهِ فَخُدَّ فَانْفَلَتَ، وَالْإِزَارُ عَلَيْهِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ عَلِمَ أَهْلُ الْبَيْتِ أَنَّ الْإِزَارَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْحِرْزِ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِلَاسِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ رَأَى صَاحِبُ الْمَتَاعِ السَّارِقَ يَسْرِقُ مَتَاعَهُ فَتَرَكَهُ، وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ فَرَأَيَاهُ وَرَبَّ الْمَتَاعِ يَخْرُجُ بِالسَّرِقَةِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ زَادَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ مَنَعَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ خَرَجَ بِالْمَتَاعِ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يَكُنْ سَارِقًا؛ لِأَنَّ تَسْوِيغَهُ ذَلِكَ