. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQدَارًا فَإِنَّهُ حِرْزٌ لِسَاكِنِهِ دُونَ مَالِكِهِ فَمَنْ اسْتَعَارَ بَيْتًا فَأَحْرَزَ فِيهِ مَتَاعَهُ، وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَنَقَبَ عَلَيْهِ مَالِكُ الْبَيْتِ الْبَيْتَ وَسَرَقَ الْمَتَاعَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ سَرَقَ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، فَلَزِمَهُ الْقَطْعُ كَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْحِرْزِ مِلْكًا لَهُ لَا يَنْفِي عَنْهُ الْقَطْعَ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارُهُ فَأَكْرَاهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ أَحْرَزَ مَتَاعَهُ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الدَّارُ غَيْرَ مُبَاحَةٍ أَوْ مُبَاحَةً فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ غَيْرَ مُبَاحَةٍ فَسَاكِنُ الدَّارِ وَاحِدٌ أَوْ سَكَنَهَا جَمَاعَةٌ سُكْنَى مَشَاعًا، فَإِنَّ جَمِيعَ الدَّارِ حِرْزٌ وَاحِدٌ لَا يُقْطَعُ إلَّا مَنْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ عَنْ جَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ سَكَنَ الدَّارَ جَمَاعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْفَرِدُ بِسُكْنَاهُ وَيُغْلِقُهُ عَنْ الْآخَرِ فَإِنَّ كُلَّ مَسْكَنٍ مِنْهَا حِرْزٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ مَسْكَنٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الدَّارِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ تُدْخَلُ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَنْفَرِدَ سَاكِنُهَا أَوْ يَسْكُنُهَا جَمَاعَةٌ فَإِنْ سَكَنَهَا وَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي بَعْضِهَا.

فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الدَّارِ الَّتِي هَذِهِ صِفَتُهَا وَلَا بَابَ لَهَا أَنَّهُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا فَيُوجَدُ قَدْ خَرَجَ بِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنٍ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَاكِنٌ آخَرُ فَلْيُقْطَعْ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدَّارِ.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَمَّا الدَّارُ الْمُبَاحَةُ الَّتِي هِيَ طُرُقٌ لِلْمَارَّةِ الْمُشْتَرَكَةُ النَّافِذَةُ فَهِيَ عِنْدِي كَالْمِقْيَاسِ بِالْفُسْطَاطِ لَيْسَ الْحِرْزُ فِيهَا إلَّا مَنْ أَحْرَزَ مَتَاعَهُ عَلَى حِدَةٍ، فَمَنْ نَزَلَ مِنْهَا مَوْضِعًا وَوَضَعَ مَتَاعَهُ وَتَابُوتَهُ فَلَا يَنْقَلِبُ بِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَيْسَتْ أَبْوَابُهَا حِرْزًا لِمَا فِيهَا، وَهِيَ كَالدُّورِ تُغْلَقُ بِاللَّيْلِ وَتُبَاحُ بِالنَّهَارِ فَعَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْحِرْزِ فِيهَا الْقَطْعُ، وَإِنْ أَخَذَ فِي الدَّارِ فَإِذَا جَمَعْنَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ الْإِذْنَ الْعَامَّ فِي الدَّارِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ دَارًا حَتَّى تَكُونَ طَرِيقًا لِلْمَارَّةِ نَافِذًا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْحِرْزِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَالرَّبَضِ لَا يَكُونُ الْحِرْزُ فِيهِ إلَّا بِاِتِّخَاذِهِ مُسْتَقَرًّا فَهَذَا حُكْمُ الدَّارِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِسُكْنَاهَا السَّاكِنُ أَوْ حُكْمُ مَسَاكِنِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا سَاحَتُهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَوْ نَشَرَ فِي الدَّارِ بَعْضُ السَّاكِنِينَ ثَوْبًا فَسَرَقَهُ أَجْنَبِيٌّ قُطِعَ وَلَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَهُ بَعْضُ أَهْلِ الدَّارِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا حُكْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوْضِعِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْحِرْزِ بِاخْتِلَافِ مَا يَكُونُ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا ذُكِرَ لِأَصْحَابِنَا فِي أَمْتِعَةِ الْبُيُوتِ فَأَمَّا الدَّابَّةُ تَكُونُ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فِيهَا الْبُيُوتُ يَسْكُنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْتَهُ، وَيُغْلِقُ عَلَيْهِمْ وَيَرْبِطُ بَعْضُهُمْ فِي الدَّارِ دَابَّتَهُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ خَلَعَ بَابَهَا أَوْ نَقَبَهَا فَأَخَذَ مِنْ قَاعَتِهَا دَابَّةً فَيُؤْخَذُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الدَّارِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ إذَا حَلَّهَا وَبَانَ بِهَا عَنْ مِذْوَدِهَا بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الْبَابِ، وَكَذَلِكَ رِزْمَةُ الثِّيَابِ يَكُونُ ذَلِكَ مَوْضِعَهَا مِثْلَ الْأَعْكَامِ وَالْأَعْدَالِ وَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ قَدْ جُعِلَ فِي مَوْضِعِهِ فَهُوَ كَالدَّابَّةِ عَلَى مِذْوَدِهَا إذَا أَبْرَزَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ قُطِعَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا سَاكِنٌ وَاحِدٌ أَوْ لَا سَاكِنَ فِيهَا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْخَشَبِ الْمُلْقَاةِ وَالْعَمُودِ، وَأَمَّا مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ، وَإِنَّمَا وُضِعَ لِيُحْمَلَ إلَى مَخْزَنِهِ كَالثَّوْبِ وَالْعَيْبَةِ وَنَحْوِهِ، فَلَا قَطْعَ فِيهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً فَإِنَّمَا يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مَوْضِعُهُ حِرْزًا لَهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِنَقْلِهِ عَنْهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ حِرْزٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ فَجَمِيعُهَا حِرْزٌ لَهُ، وَأَمَّا مَا وُضِعَ فِي غَيْرِ حِرْزِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ لِيُنْقَلَ إلَى حِرْزِهِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً فَلَا قَطْعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حِرْزِهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ فَجَمِيعُهَا حِرْزٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهَا، وَإِنَّمَا يُنْقَلُ فِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ فَيَتَعَلَّقُ الْقَطْعُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ جَمِيعِهِ دُونَ نَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015