(ص) : (قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يُوصِي فَيَسْتَأْذِنُ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَيْسَ لَهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا ثُلُثَهُ فَيَأْذَنُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ وَلَوْ أَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ صَنَعَ كُلُّ وَارِثٍ ذَلِكَ فَإِذَا هَلَكَ الْمُوصِي أَخَذُوا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَنَعُوهُ الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ وَمَا أَذِنَ لَهُ بِهِ فِي مَالِهِ قَالَ فَأَمَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ تَفْضِيلَهُ عَلَيْهِ فَلَا يُحَاصُّ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَدْ اسْتَوَوْا فِي الصِّفَةِ وَسِهَامِ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَسَاوَى بَيْنَهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ فَقَدْ خَصَّ الْإِنَاثَ فَيُحَاصِصْنَ الْأَجْنَبِيَّ وَبِمَاذَا يُحَاصِصْنَ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي ابْنٍ وَبِنْتٍ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةٍ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِمِائَةٍ أَنَّ الِابْنَةَ تُحَاصُّ الْأَجْنَبِيَّ بِخَمْسِينَ وَهِيَ الَّتِي زَادَهَا عَلَى مُوَرِّثِهَا لَمَّا أَعْطَى الذَّكَرَ مِائَةً وَكَانَ يَجِبُ لَهَا خَمْسُونَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تُحَاصُّ بِثُلُثِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ مَوْرُوثَهَا مِنْ مِائَتَيْنِ ثُلُثًا مِائَةً فَتُحَاصُّ بِالزَّائِدِ وَهُوَ ثُلُثُ مِائَةٍ.

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِقَوْمٍ وَأَوْصَى بِطَعَامٍ أَنْ يَحْبِسَ لِعِيَالِهِ كُلَّهُمْ يَأْكُلُونَهُ قَالَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ فِي الطَّعَامِ وَلَهُمْ ثُلُثُ مَا سِوَاهُ وَالْكَلَامُ فِي الطَّعَامِ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْفَرُ حَظًّا مِنْ بَعْضٍ وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرُ أَكْلًا مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ سَلَّمُوا ذَلِكَ وَإِلَّا قَسَمُوهُ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ اُنْظُرْ مَعْنَى هَذَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُحَاصُّ الْوَرَثَةُ الْأَجْنَبِيَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ أَنْصِبَائِهِمْ بِهِ أَرَادَ الْقَلِيلَ النَّصِيبِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ أَنَّهُ أَوْصَى لِعِيَالِهِ بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِالطَّعَامِ لِأَهْلِهِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَوَاءٌ فَاضَلَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فِي الطَّعَامِ، أَوْ سَاوَى وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُحَاصَّةُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ فَأَنْفَذَتْ وَصِيَّتُهُ، ثُمَّ قَامَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ لَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ وَيَكُونُ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَإِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ هَذَا حَلَفَ عَلَى مَا أَنْكَرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَضَى لَهُ بِهِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ بِعَبْدٍ، أَوْ مَالٍ وَقَالَ إنْ لَمْ يُجِزْهُ وَرَثَتِي فَذَلِكَ فِي السَّبِيلِ أَوْ هُوَ حُرٌّ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ ذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُضَارٌّ بِالْوَرَثَةِ إذْ مَنَعُوهُ مَا لَهُمْ مَنْعُهُ وَبِهِ قَالَ مَالِكُ وَرَبِيعَةُ وَلَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ وَثُلُثُ مَالِي فِي السَّبِيلِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ لِابْنِي فَهَذَا يَجُوزُ عَلَى مَا قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ نَافِعٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ قَالَ أَصْبَغُ وَأَنَا أَقُولُهُ اسْتِحْسَانًا وَاتِّبَاعًا لِلْعُلَمَاءِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مِنْ الضَّرَرِ كَالْأَوَّلِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ إنَّمَا بَاشَرَتْ الْحُرِّيَّةَ وَإِنَّمَا يَكُونُ تَصْيِيرُهُ إلَى الْوَارِثِ مِنْ قِبَلِ الْوَرَثَةِ فَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ لِلْوَارِثِ وَإِذَا قَالَ هُوَ لِوَارِثِي فَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّمَا بَاشَرَتْ وَصِيَّتُهُ تَصْيِيرَهُ إلَى الْوَارِثِ فَلَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ مَحْضَةٌ لَا لِلْوَارِثِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ عَبْدِي لِفُلَانٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَهُوَ حُرٌّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ حُرٌّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ مَا حَمَلَ الثُّلُثَ، وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ يَجُوزُ إنْفَاذُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَكِنَّهُ لَمَّا شَرَطَ أَنَّهُ مَنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ إنْفَاذِ جَمِيعِهِ لِفُلَانٍ أَنْ يَعْتِقَ وَوَجَدَ الْمَنْعَ مِنْهُمْ رَدَّ الْعِتْقَ عَلَى مَا شَرَطَ وَلَمَّا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ جَمِيعَهُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغَ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَعْتِقُوا جَمِيعَ هَذَا الْعَبْدِ فَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَى الثُّلُثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضٌ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ لَمْ يُجِزْ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوصِي لِأَحَدِهِمْ بِوَصِيَّةٍ فَيُجِيزُ أَحَدَ إخْوَتِهِ وَيَأْبَى الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِصَّةُ الْمُجِيزِ مِنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَتُرَدُّ حِصَّةُ الْآبِيِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015