(ص) (قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ السَّنَةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ إنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضٌ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ وَمَنْ أَبَى أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالِ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَرَثَةِ لَا تَلْزَمُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ إذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ خِلَافًا لِمَنْ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ لِحُقُوقِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوا ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكُوا حُقُوقَهُمْ كَإِجَازَتِهِمْ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ وَتَرْكِهِمْ سَائِرَ حُقُوقِهِمْ.
(ص) (قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ السَّنَةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ إنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضٌ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ وَمَنْ أَبَى أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ) .
(ش) : يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ السَّنَةَ الثَّابِتَةَ الْعَمَلَ الْمُتَّصِلَ مِنْ زَمَانِ الصَّحَابَةِ إلَى زَمَانِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ يَقُولُ إذَا لَمْ يُجِزْ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً بِحَالٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَحْنُونٌ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَدِيثَ لِشُهْرَتِهِ وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْعَمَلِ بِمُضَمَّنِهِ وَكَثْرَةِ نَقْلِهِمْ لَهُ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ عِنْدَهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ الْفُقَهَاءُ وَهُوَ «أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا يَوْمَ الْمَوْتِ فَلَوْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ، ثُمَّ كَانَ وَارِثًا لَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ، ثُمَّ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ لَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ مَاتَتْ إنْ كَانَتْ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَظُنُّ أَنَّهُ وَارِثٌ.
وَقَالَ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ عَلِمَتْ، أَوْ لَمْ تَعْلَمْ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهَا أَوْصَتْ لَهُ وَهِيَ تَرَى أَنَّهُ وَارِثٌ فَلَمْ تُرَدَّ الْوَصِيَّةُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى تُرَدَّ، وَكَذَلِكَ إذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ فَهِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ الْمُوصِي دُونَ الْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَوْصَى لِابْنِهِ وَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى أَعْتَقَ، أَوْ أَسْلَمَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ زَوْجَةٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى لَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ لَهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ وَهَبَ غَيْرَ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ فَجَازَ الْهِبَةُ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ صَارَ وَارِثًا فَذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَوْ وَهَبَ أَخَاهُ فِي مَرَضِهِ هِبَةً وَقَبَضَهَا الْمُعْطِي وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ، ثُمَّ صَارَ وَارِثًا فَالْهِبَةُ بَاطِلٌ قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَوْ وَهَبَ امْرَأَةً هِبَةً فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ وَلَوْ أَقَرَّ لِابْنِهِ النَّصْرَانِيِّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ حَقٌّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ فُرُوعِي ثُبُوتُهُ حِينَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ بِحَالِهِ حِينَ الْمَوْتِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَرْدُودَةٌ إذَا مَنَعَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَلَمْ يُوصِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَرَثَةُ رَدَّ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُوصِ وَيَقْتَسِمُ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ عَلَى سُنَّةِ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَرَثَةَ يُحَاصُّونَ الْأَجْنَبِيَّ كَوَصِيَّةِ الْوَارِثِ فَمَا حَصَلَ لِلْأَجْنَبِيِّ وَمَا حَصَلَ لِلْوَارِثِ رَجَعَ مِيرَاثًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَبْطُلُ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ اشْتَرَكَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الثُّلُثِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ جَمِيعُهُ كَمَا لَوْ أَشْرَكَهُ غَيْرُ وَارِثٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَعَ الْوَارِثِ الْمُوصَى لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ.
فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُحَاصِصُ الْأَجْنَبِيَّ فِي الثُّلُثِ فَمَا صَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ نَفَذَ لَهُ وَمَا صَارَ لِلْوَارِثِ رَجَعَ مِيرَاثًا