. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَضَرَّةٌ أَحْدَثَهَا عَلَى جَارِهِ فِي مَسْكَنِهِ فَلَزِمَهُ إزَالَتُهَا.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا عَلَى ظَهْرِ حَوَانِيتَ لَهُ وَجَعَلَ لَهُ سَطْحًا يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى دَارِ رَجُلٍ فَإِنَّ بَانِيَ الْمَسْجِدِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَيَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُتِمَّ السِّتْرَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ أَحْدَثَهُ الْبَانِي وَلَا يُمْكِنُ هَدْمُهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّجُلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ الضَّرَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَهُ فِي دَارِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَنَى غُرْفَةً وَفَتَحَ فِيهَا أَبْوَابًا وَكُوًى يَطَّلِعُ مِنْهَا عَلَى قَاعَةٍ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْقَاعَةِ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ هَذَا يَضُرُّ بِي إذَا بَنَيْت فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَنْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ وَبَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا مَضَرَّةَ عَلَى صَاحِبِ الْقَاعَةِ فِيهِ حِينَ بِنَائِهِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الضَّرَرُ حَالَ حُدُوثِهِ لَا مَا يَئُولُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَنَّ مِنْ مَنَافِعِ صَاحِبِ الْقَاعَةِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا دَارًا فَلَيْسَ لِمَنْ بَنَى الْغُرْفَةَ أَنْ يُحْدِثَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَلَا مَا يَضُرُّهُ فِيهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عِنْدَ إحْدَاثِ الِاطِّلَاعِ أَنَّهُ يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى مَوْضِعٍ لَا يَسْتَضِرُّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَنَى فِي الْقَاعَةِ دَارًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَمْنَعَهُ الِاطِّلَاعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ لِقِدَمِ اطِّلَاعِهِ قَبْلَ بِنَاءِ دَارِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَذْكُرُ أَنِّي رَأَيْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَهُ مَنْعُهُ إذَا بَنَى وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَا تَقَدَّمَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي أَوْرَدْته لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ بِذَلِكَ مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ وَلَا أَدْخَلَ عَلَيْهِ ضَرَرًا بِاطِّلَاعِهِ فَإِذَا بَنَى الثَّانِي دَارًا يَضُرُّ بِهِ الِاطِّلَاعُ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ بِتَقَدُّمِ مِلْكِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الضَّرَرُ فِيمَا لَا يَتَزَايَدُ أَوْ فِيمَا يَتَزَايَدُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَزَايَدُ فَقَدْ رَوَى يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ مَا كَانَ مِنْ الضَّرَرِ بَاقٍ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَزَايَدُ كَفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَالْكُوَى وَشِبْهِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَفْتِحُهُ مَنْ أَحْدَثَهُ بِطُولِ الزَّمَانِ وَمَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فَيُمْسِكُ عَنْهُ جَارُهُ لِمَا يَقُومُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَمَانٍ فَمَا كَانَ يَتَزَايَدُ ضَرَرُهُ كَالْكَنِيفِ يُحْدِثُهُ فَإِنْ شَكَا جَارُهُ الضَّرَرَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ فَلَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ، وَكَذَلِكَ مَا يَفْتَحُهُ كَمُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ إنَّ ضَرَرَ ذَلِكَ يَتَزَايَدُ فَعَلَى هَذَا الضَّرَرِ الَّذِي هُوَ أَقْدَمُ مِمَّا يَضُرُّ بِهِ لَا بِغَيْرٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَا أُحْدِثَ بَعْدَمَا يَضُرُّ بِهِ فَعَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ وَالْمَنْعَ مِنْهُ حَتَّى يَطُولَ زَمَانُهُ وَيَسْتَحِقَّ فَمَا كَانَ مِنْهُ لَا يَتَزَايَدُ أَوْ يَتَزَايَدُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يُقَامَ بِمَنْعِهِ عِنْدَ إحْدَاثِهِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ وَإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ فَتَحَ مَطْلَعًا عَلَى دَارِ غَيْرِهِ فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ سَدَّ ذَلِكَ فَطَلَبَ أَنْ يَسُدَّهَا مِنْ خَلْفِ بَابِهَا فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلْيَقْلَعْ الْبَابَ وَيَسُدَّهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْبَابِ يُوجِبُ الْحِيَازَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ يَشْهَدُونَ لَهُ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ هَذَا الْبَابَ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ فَيَصِيرُ حِيَازَةً.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَاعَ دَارًا، وَقَدْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ جَارُهُ مَطْلَعًا، أَوْ مَجْرَى مَاءٍ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ وُجُوهِ الضَّرَرِ فِيمَا لَهُ فِيهِ الْقِيَامُ فَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ الْمَانِعُ لَمْ يَقُمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى بَاعَهَا فَلَا قِيَامَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ كَانَ قَدْ قَامَ فَخَاصَمَ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ حَتَّى بَاعَ بَعْدَ الْقِيَامِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُومَ وَيَحِلَّ مَحَلَّهُ.

وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَرْكَ مَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ الضَّرَرَ الْقِيَامُ فِي ذَلِكَ حَتَّى بَاعَ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ وَأَنَّهُ بَاعَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ لِمُحْدِثِهِ وَإِذَا بَاعَ بَعْدَ الْقِيَامِ فِيهِ فَقَدْ أَظْهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَاعَ الدَّارَ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا وَإِزَالَةُ الضَّرَرِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ كَانَتْ فِي دَارِهِ شَجَرَةٌ إذَا صَعِدَ فِيهَا لِيَجْنِيَهَا اطَّلَعَ عَلَى دَارِ جَارِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَانَتْ قَدِيمَةً، أَوْ حَدِيثَةً بِخِلَافِ الْغُرْفَةِ وَلَكِنْ يُؤْذِنُ جَارَهُ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ نَحْوَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا الِاطِّلَاعُ مِمَّا يُسْتَدَامُ، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ فِي النُّدْرَةِ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِنَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015