. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ يُسْقَى عَلَيْهِ وَفِيهِ فَضْلٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ نَقْعِ بِئْرٍ، أَوْ رَهْوِهَا الْبِئْرُ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَسْقِي هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ فَيَسْقِي أَحَدُهُمَا فَيَرْوِي نَخْلَهُ وَزَرْعَهُ فِي بَعْضِ يَوْمِهِ، أَوْ يَسْتَغْنِي يَوْمَهُ ذَلِكَ عَنْ السَّقْيِ فَيُرِيدُ صَاحِبُهُ أَنْ يَسْقِيَ بِمَائِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِمَّا لَا يَنْفَعُهُ حَبْسُهُ وَلَا يَضُرُّهُ بَذْلُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْبِئْرُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ فِي حَائِطِهِ فَيَحْتَاجُ الَّذِي لَا شِرْكَ لَهُ فِي الْبِئْرِ إلَى أَنْ يَسْقِيَ حَائِطَهُ بِفَضْلِ مَائِهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا لِكَوْنِ بِئْرِهِ تَهَوَّرَتْ فَيُقْضَى لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِفَضْلِ مَاءِ جَارِهِ إلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَهُ وَيَدْخُلَ حِينَئِذٍ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ» وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إصْلَاحَ بِئْرِهِ اتِّكَالًا عَلَى فَضْلِ مَاءِ جَارِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقَالَ لِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ هَذَا وَجْهُ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِلْمَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُمْلَكُ أَصْلُهُ، وَلَا مَجْرَاهُ فَيُسْقَى بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى فَمَنْ اسْتَغْنَى مِنْهُمْ عَنْ السَّقْيِ بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ أَوْ يَكُونَ لَا مَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ إلَّا لِسَقْيِهَا خَاصَّةً فَإِذَا اسْتَغْنَى أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ كَانَ الْآخَرُ أَوْلَى بِالِانْتِفَاعِ بِهَا مِنْ تَضْيِيعِهَا وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُوثِرُ ضَيَاعَهَا عَلَى انْتِفَاعِك عِنْدِي وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَنْعَ فَضْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا فَضَلَ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ عَنْ زَرْعِهِ أَوْ حَائِطِهِ فَيَسْقِي جَارُهُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ بِشُرُوطٍ:.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ زَرَعَ، أَوْ غَرَسَ عَلَى أَصْلِ مَاءٍ فَانْهَارَتْ الْبِئْرُ، أَوْ غَارَتْ الْعَيْنُ فَأَمَّا أَنْ يَغْرِسَ، أَوْ يَزْرَعَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِفَضْلِ جَارِهِ إلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَهُ رَوَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي الرِّجَالِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ فَضْلُ الْمَاءِ،.
وَقَدْ رُوِيَ لَا يُمْنَعُ رَهْوُ مَاءٍ وَالرَّهْوُ الزَّائِدُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمِيَاهَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ فَضْلُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ مُبَاحًا، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْأَعْلَى أَنْ يُرْسِلَ إلَى الْأَسْفَلِ مَا فَضَلَ عَنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ مِنْ الْمَاءِ وَلَا يُؤْمَرُ بِإِرْسَالِ مَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْثَارُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْمُتَمَلَّكَاتِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ مَنْ دَعَتْهُ ضَرُورَةٌ إلَى فَضْلِ مَاءِ جَارِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ تَضْيِيعِهِ، أَوْ بَذْلِهِ لِغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةً فِي الْأَمْلَاكِ لَرُفِعَ الضَّرَرُ بِسَبَبِهَا وَكَانَ أَصْلُهَا الْمُشَاحَّةَ فَبِأَنْ تَثْبُتَ الْمُوَاسَاةُ فِي الْمِيَاهِ لِلضَّرُورَةِ الشَّائِعَةِ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الْمُوَاسَاةِ أَوْلَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ غَرْسٍ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَمْنَعُ الْجَارُ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ بَيِّنَةٌ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي الْمَاءِ أَبْيَنُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ فِيهَا عَامًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَخَافَ عَلَى زَرْعِهِ، أَوْ نَخْلِهِ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى زَرْعِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي فَضْلِ مَاءِ جَارِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى زَرْعِهِ فَلَيْسَ بِمُضْطَرٍّ كَاَلَّذِي يَضْطَرُّ إلَى الطَّعَامِ وَيَجِدُ مَالَ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا يَصْرِفُ عَنْهُ الضَّرُورَةَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَفْضُلَ مَاءَ صَاحِبِ الْبِئْرِ عَنْ حَاجَتِهِ وَيَسْتَغْنِي عَنْهُ فَإِنْ يَفْضُلُ عَنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَاءَهُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْحَاجَةِ فَصَاحِبُ الْمَاءِ أَحَقُّ بِهِ كَحَالَةِ الْغَنِيِّ عَنْهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَاءِ فَصَاحِبُ الْمَاءِ أَحَقُّ أَنْ يَشْرَعَ مَنْ انْهَارَتْ بِئْرُهُ، أَوْ غَارَتْ عَيْنُهُ فِي إصْلَاحِهَا عَلَى حَسَبِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِمْكَانِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ عَلَى السَّقْيِ مِنْ مَاءِ جَارِهِ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ