(ص) : (عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ»

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَسَارِح الْقُرَى، أَوْ لِمُعَيَّنٍ كَأَرْضِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَأَمَّا مَا كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مِنْ مَسَارِحِ الْقُرَى فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهَا، أَوْ مَنَعَ ذَلِكَ فَمَنْ جَوَّزَ قِسْمَتَهَا أَجْرَاهَا مَجْرَى الْمِلْكِ الْمُعَيَّنِ، وَمَنْ مَنَعَ اقْتِسَامَهَا أَجْرَاهَا مَجْرَى مَسَارِحِ الْفَيَافِي لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ أَهْلَهَا الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَيْهَا أَحَقُّ بِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَأَمَّا الْقُرَى وَالْأَرَضُونَ الَّتِي عَرَفَهَا أَهْلُهَا فَلَهُمْ مَنْعُ كَلَئِهَا عِنْدَ مَالِكٍ إنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُحْظَرًا عَلَيْهِ، أَوْ غَيْرَ مُحْظَرٍ عَلَيْهِ أَمَّا مَا كَانَ مُحْظَرًا عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزَنِيَّة لَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ وَمَا لَمْ يُحْظَرْ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِمَاشِيَتِهِ وَدَابَّتِهِ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا الْعُشْبُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إنْ كَانَ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَهُ بَيْعُ مَرَاعِي أَرْضِهِ سَنَةً بَعْدَ أَنْ يَطِيبَ وَيَبْلُغَ أَنْ يَرْعَى وَلَا يَبِيعُهُ عَامَيْنِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَأَلْت مُطَرِّفًا عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلَهُ مَنْعُ كَلَئِهَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلْيُخَلَّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ، وَمِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خِصْبِ أَرْضِهِ عَامَهُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ أَنْ يَرْعَى فَأَيُّ خِصْبٍ يُبِيحُهُ لِلنَّاسِ وَأَيُّ خِصْبِ يَبِيعُهُ، فَقَالَ: الْخِصْبُ الَّذِي يَبِيعُهُ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ مَاءٌ مَرَجَهُ وَحَمَاهُ، وَأَمَّا الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَلَا لَهُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ فَمَا كَانَ مِنْ خِصْبِ فَدَادِينِهِ وَفُحُوصِ أَرْضِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَأَلْت ابْنَ الْمَاجِشُونِ عَنْ ذَلِكَ فَسَاوَى بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِخِصْبِ أَرْضِهِ الْبَيْضَاءِ كُلِّهَا الَّتِي يَزْدَرِعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حِمًى وَلَا مَرَجٌ إنْ شَاءَ بَاعَ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَ، أَوْ رَعَى، وَإِنَّمَا لَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا مَنْعُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِعَايَتِهِ خِصْبُ الْقَنَاءِ مِنْ مَنْزِلِهِ، قَالَ أَصْبَغُ وَرَأَيْت أَشْهَبَ يُنْكِرُ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلرَّجُلِ مَنْعَ خِصْبِ أَرْضِهِ، وَكَانَ لَا يُجِيزُ بَيْعَ الْكَلَأِ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ وَحِمَاهُ وَمَرْجِهِ، وَإِنَّمَا الْكَلَأُ كَالْمَاءِ الَّذِي يُجْرِيه اللَّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَا يُمْلَكُ وَلَا يُبَاعُ وَهُوَ لِمَنْ أَنْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَرْضِهِ لَهُ أَنْ يَحْمِيَهُ لِمَنَافِعِهِ، فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِمَّنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا أَنْ يَجْتَزَّهُ وَيَحْتَمِلَهُ كَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ فِي بَيْعِهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لِمَنْ هُوَ فِي أَرْضِهِ كَانَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ.

وَفَرَّقَ عِيسَى بَيْنَ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُحْظَرْ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ يَلْحَقُهُ الْمَضَرَّةُ بِرَعْيِ عُشْبِهِ وَالتَّوَصُّلِ إلَيْهِ بِإِفْسَادِ حِظَارِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا عُشْبٌ لَهُ وَحَوَالَيْهَا أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ لَهُ يَضُرُّ بِهِ الدُّخُولُ إلَى رَعْيِهَا مِنْ مَزَارِعِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الرَّعْيِ لَا مِنْ الِاحْتِشَاشِ، وَأَمَّا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْحَظْرِ عَلَيْهِ كَمَا يَتَمَلَّكُهُ بِالِاحْتِشَاشِ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ، وَفَرَّقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ بَيْنَ مَرَاعِي أَرْضِهِ وَبَيْنَ عُشْبِ مَزَارِعِهِ أَنَّ مَرَاعِي أَرْضِهِ لِذَلِكَ اُتُّخِذَتْ، وَأَمَّا عُشْبُ مَزَارِعِهِ فَلَمْ تُتَّخَذْ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا اُتُّخِذَتْ عِنْدَهُ لِلزَّرْعِ، وَأَمَّا الْعُشْبُ فَعَلَى حُكْمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي مَنْعِ الْعُشْبِ جُمْلَةً أَنَّ أَصْلَهُ الْإِبَاحَةُ كَالْمِيَاهِ الَّتِي هِيَ فِي أَصْلٍ مُبَاحٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمِيَاهِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْكَلَأِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ أَنَّ الْكَلَأَ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَيْسَ مِنْ مَنَافِعِهَا الْمَقْصُودَةِ فَصَارَتْ كَظِلَالِ الثِّمَارِ الَّتِي لَيْسَ لِأَرْبَابِ الثِّمَارِ مَنْعُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ» قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُمْنَعُ رَهْوُ بِئْرٍ قَالَ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي مَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ.

وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ» ، وَفِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «وَلَا رَهْوُهَا» قَالَ أَبُو الرِّجَالِ النَّقْعُ وَالرَّهْوُ الْمَاءُ الْوَاقِفُ الَّذِي لَا يُسْقَى عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015