. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَمْنَعَهُ وَفِي إحْيَاءِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مَا قَرُبَ مِنْ مَوَاطِنِهِمْ وَعِمَارَتِهِمْ مَضَرَّةٌ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فَإِنْ تَعَدَّى وَعَمَّرَ بِغَيْرِ إذْنٍ نَظَرَ لِلْمُسْلِمِينَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ بِأَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ نَقْضِهِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ مَالِ مَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ أَوْ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ وَلَا تَسُوغُ الْمُشَارَكَةُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لِأَحَدٍ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَنْعِ إحْيَائِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ إحْيَاءُ الْأَرْضِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ يُجْرِيَ عَيْنًا، وَمِنْ الْإِحْيَاءِ غَرْسُ الشَّجَرِ وَالْبُنْيَانُ وَالْحَرْثُ فَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ إحْيَاءٌ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: إنَّ الْإِحْيَاءَ حَفْرُ الْآبَارِ وَشَقُّ الْعُيُونِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ وَبِنَاءُ الْبُنْيَانِ وَتَسْيِيلُ مَاءِ الرَّدْغَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَقَطْعُ الْحِيَاضِ وَالْفَحْصُ عَنْ الْأَرْضِ بِمَا تَعْظُمُ مُؤْنَتُهُ وَتَبْقَى مَنْفَعَتُهُ حَتَّى يَصِيرَ مَالًا يُعْتَدُّ بِهِ، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ إحْيَاءٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الرَّعْيُ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا.
وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ: مَنْ نَزَلَ أَرْضًا فَرَعَى مَا حَوْلَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ إحْيَاءٌ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالُ سَائِرِ الْأَرَضِينَ الْمَبُورَةِ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً كَالْمُبْتَنَى فِيهَا، وَاحْتَجَّ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ بِأَنَّهُمْ قَدْ رَعَوْا وَيَنْتَظِرُونَ أَنْ يَرْعُوا وَاحْتَجَّ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْمَعْدِنِ يَحُوزُهُ رَجُلٌ بِالْعَمَلِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَهُ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يُعْجِبْ سَحْنُونًا قَوْلُ أَشْهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَيْسَ حَفْرُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ إحْيَاءٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْمَلُ لِمَعْنَى إحْيَاءِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ لِمَنَافِعِ الْمَاشِيَةِ كَالرَّاعِي.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَيْسَ التَّحْجِيرُ إحْيَاءً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّحْجِيرَ لَيْسَ فِيهِ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ وَلَا مَنْفَعَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعٌ لِغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى صِفَتِهَا قَبْلَ التَّحْجِيرِ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ يُحَجِّرُ أَرْضًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْعُمْرَانِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ يُحَجِّرُهَا لِيَعْمَلَ فِيهَا إلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لِيُمْكِنَهُ الْعَمَلُ لِيُبْسِ الْأَرْضِ، أَوْ لِغَلَاءِ الْأَجْرِ وَنَحْوِ هَذَا مِنْ الْعُذْرِ الَّذِي يُؤَخِّرُ لَهُ النَّاسُ فَذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ يُحَجِّرُ مَا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَهُ مِنْهُ مَا عَمَّرَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِيمَنْ حَجَّرَ أَرْضًا وَلَمْ يُعْمِرْهَا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَأَرَاهُ حَسَنًا.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَنْ أَحْيَا مِنْ الْأَرَضِينَ ثُمَّ مَاتَ وَعَادَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ) الْأَرَضُونَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يُفْتَتَحُ مِلْكُهُ وَضَرْبٌ يُتَمَلَّكُ عَنْ مَالِكٍ، فَأَمَّا مَا اُفْتُتِحَ مِلْكُهُ فَعَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إقْطَاعُ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي: الْإِحْيَاءُ فَأَمَّا مَا مُلِكَ بِإِقْطَاعٍ مِنْ الْإِمَامِ الْعُتْبِيَّةُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ أَرْضًا بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمُرْهَا، وَيَبِيعُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ وَيُورَثُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الَّذِي يُقْطِعُهُ الْإِمَامُ أَرْضًا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى عِمَارَتِهَا لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِهَا مَا لَمْ يُنْظَرْ فِي عَجْزِهِ عَنْهَا فَيُقْطِعُهَا غَيْرَهُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِقْطَاعَ عِنْدَهُ مَعْنَى التَّمْلِيكِ الثَّانِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى عِمَارَةٍ كَالْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْإِقْطَاعَ إنَّمَا هُوَ إذْنٌ فِي الْإِحْيَاءِ وَمِنْ شَرْطِ ذَلِكَ الْعِمَارَةُ فَأَمَّا مَا افْتَتَحَ مِلْكَهَا بِالْإِحْيَاءِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى عَفَتْ آثَارُهَا وَهَلَكَتْ أَشْجَارُهَا وَطَالَ زَمَانُهَا ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ أَنَّهَا لِلثَّانِي.
وَقَالَ سَحْنُونٌ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَقَدْ مَلَكَهَا وَلَا تَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ لِتَعْطِيلِهِ لَهَا، وَإِنْ عَمَرَهَا غَيْرُهُ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ