. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ، أَوْ يَكُونُ هُوَ أَصْلَحَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ لِلْإِمَامِ إذَا أَحْيَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَسْتَضِرُّ بِمُجَاوَرَتِهِ، أَوْ مِمَّنْ يَكُونُ أَحْسَنَ مُجَاوَرَةً مِنْهُ.
(فَرْعٌ) وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا فِي الْفَيَافِي فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُحْيِي بِالْقُرْبِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِالْإِحْيَاءِ عُمْرَانًا فَلَا يُعَمِّرُ بِقُرْبِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا حَدُّ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ الْمَذْكُورَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: مَا رَأَيْت مَنْ وَقَّتَ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمَا كَانَ مِنْ الْعِمَارَةِ عَلَى يَوْمٍ وَمَا لَا تُدْرِكُهُ الْمَوَاشِي فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا فَأَرَاهُ مِنْ الْبَعِيدِ، وَأَمَّا مَا تُدْرِكُهُ الْمَوَاشِي فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا، أَوْ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا مِمَّا فِيهِ الرِّفْقُ لِأَهْلِ الْعِمَارَةِ فَهُوَ الْقَرِيبُ يَدْخُلُهُ نَظَرُ السُّلْطَانِ فَلَا يَحْيَا إلَّا بِإِذْنِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَصِيحَ الصَّائِحُ مِنْ طَرَفِ الْعُمْرَانِ فَلَا يَسْمَعُ مَنْ بِالْمَوْضِعِ الْآخَرِ صَوْتَهُ، وَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِارْتِفَاقِ أَهْلِ الْعُمْرَانِ بِالْمَسْرَحِ وَالْمِحْطَبِ دُونَ سَمْعِ الصَّوْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ.
(فَرْعٌ) وَبِمَاذَا يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُشَاوِرُ فِيهِ أَهْلَ الْقُرَى.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِمَّا كَانَ قُرْبَ الْعُمْرَانِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى ضَرَرٌ فِي مَسْرَحٍ، أَوْ مَرْعًى أَوْ مِحْطَبٍ وَنَحْوِهِ مُنِعَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ أَمْضَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا: إنَّهُ يَنْظُرُ مَعَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ مُجَاوَرَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي الْمُزَنِيَّة فِي غَنِيٍّ اقْتَطَعَ مَوَاتًا بَعِيدًا فَأَحْيَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَإِنْ أَحْيَا فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ الْعُمْرَانِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَكَانَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْهُ مَنَعَهُ إيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إلَيْهِ أَقَرَّهُ فِي يَدَيْهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقْطِعَ الْإِمَامُ الْأَغْنِيَاءَ إذَا كَانَ قَدْ أَقْطَعَ الْفُقَرَاءَ مَا يَكْفِيهِمْ فَاعْتُبِرَ بِالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَعَلَّ هَذَا الِاعْتِبَارَ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِقْطَاعِ دُونَ الْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْأَرْضَ إلَّا بِالِارْتِفَاقِ وَالْعَمَلِ فَالْغَنِيُّ أَقْدَرُ عَلَيْهِ وَالْإِقْطَاعُ يُمَلِّكُ الْأَرْضَ دُونَ عَمَلٍ وَلَا نَفَقَةٍ فَالْفَقِيرُ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْ الْغَنِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُحْيِي لِلْأَرْضِ وَحُكْمِهِ) وَذَلِكَ أَنَّ الْمُحْيِيَ لِلْأَرْضِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هِيَ لَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ» .
(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُحْيِي فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَأَمَّا فِيمَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ وَيُعْطِي قِيمَةَ مَا عَمَّرَ؛ لِأَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ بِمَنْزِلَةِ الْفَيْءِ وَالذِّمِّيُّ لَاحِقٌ لَهُ فِي الْفَيْءِ، وَكَذَلِكَ إنْ عَمَّرَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْحِجَازِ كُلِّهِ وَالنَّجُودِ وَالْيَمَنِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا وَيُعْطَى قِيمَةَ عِمَارَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَيْءِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهُ وَاقْتِسَامُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ الْفَيْءِ مِنْ الْأَرْضِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ لَا يَصِحَّ إحْيَاؤُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَمْ يَفْتَتِحْ ذَلِكَ الْبَلَدَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْفَيْءِ.
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي إحْيَاءِ مَا بَعُدَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ اسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِيهِ لِلْمُحْيِي وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ فَمِنْ حَقِّ الْمُسْتَأْذِنِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ فَمِنْ حَقِّهِمْ