. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمُبَاحَ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ حَتَّى عَادَ إلَى أَصْلِهِ فَإِنَّهُ لِمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ كَالصَّيْدِ يَخْرُجُ مِنْ يَدِ صَائِدِهِ فَيَلْحَقُ بِالْوَحْشِ فَهُوَ لِمَنْ صَادَهُ بَعْدَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ مَا لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ بِالتَّغْيِيرِ إذَا مُلِكَ بِالِابْتِيَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّغَيُّرِ إذَا تَمَلَّكَهُ عَنْ إبَاحَةٍ كَالثِّيَابِ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالصَّيْدِ أَنَّ الصَّيْدَ لَوْ ابْتَاعَهُ ثُمَّ نَفَرَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ لَكَانَ لِمَنْ صَادَهُ بَعْدَهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ تَبَوَّرَتْ فَأَحْيَاهَا غَيْرُهُ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا لِمَنْ اشْتَرَاهَا دُونَ مَنْ أَحْيَاهَا.
(فَرْعٌ) وَسَوَاءٌ أَحْيَاهَا الْأَوَّلُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِذْنُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْإِقْطَاعِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْإِقْطَاعِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا مُلِكَ مِنْ الْأَرْضِ بِشِرَاءٍ، أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، أَوْ خُطَّةٍ فَإِنَّهَا لِمَنْ مَلَكَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْمُرْهَا وَيَبِيعُ ذَلِكَ وَيُورَثُ عَنْهُ فَإِنْ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُحْيِيَ الثَّانِي مَا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ مَنْعُهُ أَوْ مَا لِلْأَوَّلِ مَنْعُهُ، وَإِنْ أَحْيَا مَا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ مَنْعُهُ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَإِنْ أَحْيَا مَا لِلْأَوَّلِ مَنْعُهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُحْيِي يَعْلَمُ ذَلِكَ، أَوْ لَا يَعْلَمُهُ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَعْطِهِ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ إنْ أَبَى قِيلَ لِلْعَامِرِ أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ، وَهَذَا بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّفُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةِ وَابْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ لِلَّذِي عَمَرَ أَنْ يُعْطِيَ رَبَّ الْأَرْضِ قِيمَةَ أَرْضِهِ، وَلَكِنْ إذَا أَبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ بَرَاحًا وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ قَائِمَةً وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَبُورَةً ثُمَّ تُقَوَّمَ عَامِرَةً فَمَا زَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْعِمَارَةِ فَالْعَامِلُ بِهِ شَرِيكٌ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ لِلثَّانِي حَقًّا ثَابِتًا فَكَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْآخَرُ قِيمَةَ حَقِّهِ كَصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ ثَابِتٌ قَدِيمٌ وَعَمَلُ الثَّانِي وَارِدٌ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ وَالْأَبْوَارِ فِي الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ) الْأَبْوَارِ وَالشَّعَارَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ لَا تُحِيطُ بِهِ الْعِمَارَةُ وَضَرْبٌ تُحِيطُ بِهِ الْعِمَارَةُ وَضَرْبٌ يَكُونُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَأَمَّا مَا لَا تُحِيطُ بِهِ الْعِمَارَةُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ لَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى قِسْمَتِهِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّعْرَاءَ الَّتِي تَقْرُبُ مِنْ الْقُرَى تَلْحَقُهَا الْمَاشِيَةُ فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا وَهِيَ لَهُمْ مَرَاعٍ وَمُحْتَطَبٌ فَلَا تَكُونُ لِمَنْ أَحْيَاهَا وَلِأَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ وَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ هَذَا.
وَقَالَ الْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْعُمْرَانِ أَنْ يَحْيَا بِقَطِيعَةٍ مِنْ الْإِمَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا قَرُبَ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُحْيِيَهُ دُونَ الْإِمَامِ.
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُحْيِيه إلَّا بِقَطِيعَةِ الْإِمَامِ فَهَذَا خَارِجٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَجْهُ الْمَنْعِ مِنْ الْقِسْمَةِ مَا تَقَدَّمَ، وَوَجْهُ إبَاحَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مُخْتَصُّونَ بِاسْتِحْقَاقِهَا وَمُعْظَمِ مَنَافِعِهَا، وَإِنَّمَا لِغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْعِمَارَةُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ وَدَاوُد بْنُ سَعِيدٍ يُقْسَمُ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ لَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَبَاهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْبُورَ وَالْمُتَّسَعَ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُمْ وَفِيهِ حَقٌّ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَارَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي مَنَاخِ إبِلِهِمْ وَمَرْعَى دَوَابِّهِمْ.
وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْوَارَ أَفْنِيَةُ أَهْلِ الْقُرَى وَمُحْتَطَبُهُمْ وَمَرَاعِيهِمْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَ أَحَدًا شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُمْ كَأَفْنِيَةِ الدُّورِ فَمَنْ دَعَا إلَى الْقِسْمَةِ مِنْهُمْ فَذَلِكَ لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَ الْقُرَى فَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قُرَى قَدْ أَحَاطَتْ بِفَحْصٍ