. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهِيَ الَّتِي أَرَادَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ النِّيلِ إذَا قُصِدَ بِهَا الزَّرْعُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى مُتَابَعَةِ السَّقْيِ فَهِيَ الَّتِي عَنَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ وَهِيَ الَّتِي تُشْبِهُ السُّكْنَى، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَ مَا زُرِعَ فِيهَا يَتِمُّ بِأَوَّلِ رَيٍّ لَزِمَ النَّقْدُ مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ فِي أَرْضِهِ فَقَدْ قَبَضَ ذَلِكَ الْمُكْرِي الْأَرْضَ إذَا جَعَلْنَاهَا قَابِضَةً فَلَزِمَهُ النَّقْدُ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى تَوَالِي الْمَطَرِ وَتَتَابُعِهِ فَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِ فَلَمْ يَلْزَمْ النَّقْدُ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْكِرَاءِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُونَةِ مِنْ النِّيلِ، وَالسَّيْحِ أَوْ الْمَطَرِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَمَانُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ الَّتِي يَتَخَلَّفُ مَطَرُهَا فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ قَبْضِ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْجَائِزِ مِنْ تَرْكِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فَمَتَى يُنْقَدُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا إلَّا إذَا رُوِيَتْ وَذَلِكَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ فَإِذَا قَبَضَ الْأَرْضَ، وَقَدْ رُوِيَتْ لَزِمَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقْدُ الْكِرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَتِمُّ زَرْعُهَا إلَّا بِالْمَطَرِ أَرْضَ نِيلٍ كَانَتْ أَوْ أَرْضَ مَطَرٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُدُهُ الْكِرَاءَ حَتَّى يَتِمَّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةَ السَّقْيِ وَجَبَ الْكِرَاءُ نَقْدًا، فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكِرَاءَ إنَّمَا يَجِبُ بِتَمَامِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالرَّيِّ الْمُبَلِّغِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُنْتَقِيَةَ وَاَلَّتِي ظَاهِرُهَا، وَالْغَالِبُ فِيهَا إمْكَانُ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا اكْتِرَاءُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْكِرَاءِ قَبْلَ إبَّانِ الْحَرْثِ وَتُكْرَى الْعَشْرَ سِنِينَ وَأَكْثَرَ مَا لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ كَأَرْضِ الْمَطَرِ الَّتِي تُرْوَى مَرَّةً وَتَعْطَشُ أُخْرَى فَأَجَازَ الرُّوَاةُ اكْتِرَاءَهَا قَبْلَ إبَّانِ الْحَرْثِ إذَا لَمْ يُنْقَدْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تُكْتَرَى إلَّا قُرْبَ الْحَرْثِ مَعَ وُقُوعِ الْمَطَرِ، وَالرَّيِّ وَيَكُونُ مُبَلِّغًا لَهُ أَوْ لِأَكْثَرِهِ مَعَ رَجَاءِ وُقُوعِ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ اكْتِرَاؤُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ مَخَافَةَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ التَّمَكُّنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ تَعَذُّرُ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَإِنَّ مَا يُؤْثَرُ مَخَافَةَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَعْجِيلِ النَّقْدِ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ قَبْلَ وَقْتِ الْعَمَلِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّحْجِيرِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَارَى أَرْضًا لَهَا مَا لَيْسَ فِي مِثْلِهِ مَا يَكْفِي زَرْعَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ وَجْهِ الْغَرَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْضِ الْمَطَرِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُبَلِّغُ زَرْعَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَرْضُ الْمَطَرِ إنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ الْمَطَرِ مَا يُبَلِّغُ زَرْعَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ قَالَ وَلَوْ تَكَارَيَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكْفِهِ مَا رَأَى مِنْ الْمَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْكِرَاءِ فَإِنَّهُ أَيْضًا خَطَأٌ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَوْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَاءَ يَتِمُّ بِهِ الزَّرْعُ لَمْ يُكْرَهْ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ الْمَاءَ مَعْلُومٌ وَإِنَّمَا تَخَاطَرَا فِي تَمَامِ الزَّرْعِ بِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْمَطَرُ فَمَاؤُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا يُكْتَرَى عَلَى التَّبْلِيغِ وَلَا يَعْلَمُ الْمُكْتَرَى مِنْ حَالِ الْمَطَرِ إلَّا مَا يَعْلَمُهُ الْمُكْتَرِي فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ الْخَطَرِ الْمَانِعِ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَهَذَا كَبَيْعِ الْآبِقِ الَّذِي لَا يُتَيَقَّنُ تَسْلِيمُهُ أَوْ بَيْعِ الْمَهْرِ الصَّعْبِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ قَبْضَهُ رُدَّ إلَيْهِ الثَّمَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا حِنْطَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا مَضَرَّتُهُ مَضَرَّةُ الْقَمْحِ أَوْ أَقَلُّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا مَضَرَّتُهُ أَشَدُّ مِنْ مَضَرَّةِ الْقَمْحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنَافِعُ فِي الْإِجَارَاتِ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنَّمَا تَتَعَيَّنُ الْعَيْنُ الَّتِي يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنَافِعُ وَجِنْسُ الْعَيْنِ الَّتِي يُسْتَوْفَى بِهَا كَحِمْلِ الرَّاحِلَةِ وَإِنَّمَا تَتَعَيَّنُ الرَّاحِلَةُ وَيَتَعَيَّنُ جِنْسُ الْحِمْلِ لِيَمْتَنِعَ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ وَلَا يَمْتَنِعَ