. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُجْبِرَ الْمُكْتَرِي عَلَى قَلْعِ شَجَرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَلْعِهِ وَكَانَ لَهُ إبْقَاؤُهَا حَتَّى تَتِمَّ ثَمَرَتُهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَرْضَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مَأْمُونَةٌ وَغَيْرُ مَأْمُونَةٍ، فَأَمَّا الْمَأْمُونَةُ فَهِيَ أَرْضُ النِّيلِ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ أَرْضُ الْمَطَرِ عِنْدِي بَيِّنًا كَبَيَانِ أَرْضِ النِّيلِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَكَادُ تَخْتَلِفُ فَالنَّقْدُ جَائِزٌ خِلَافًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَرْضِ النِّيلِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ مَنَافِعِهَا الِاسْتِيفَاءُ فَجَازَ الْكِرَاءُ فِيهَا كَسُكْنَى الدُّورِ، قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْآبَارِ، وَالْأَنْهَارِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَخْلُفُ إلَّا فِي الْغِبِّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْلُفُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَالنِّيلُ أَبْيَنُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأُصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ قِيلَ لَهُمَا أَنَّ أَرْضَ الْأَنْدَلُسِ أَرْضُ مَطَرٍ وَلَا تَكَادُ تَخْلُفُ، فَقَالُوا لَا يَنْعَقِدُ فِيهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا الْمَطَرُ الَّذِي يُحْرَثُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا الرِّوَاءُ بِخِلَافِ أَرْضِ النِّيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ مَعْنَى الْمَأْمُونَةِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ تَكْفِيَهَا سَقْيَةٌ وَاحِدَةٌ تُرْوَى بِهَا كَأَرْضِ النِّيلِ فَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ فَلَا يَكْفِيهَا إلَّا الْمَطَرُ الْمُتَكَرِّرُ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّ الْمَأْمُونَةَ هِيَ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا السَّقْيُ بِوَجْهٍ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ النِّيلِ بِمَأْمُونَةٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْهَا السَّقْيُ كَمَا يَنْقَطِعُ الْمَطَرُ عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ لَكِنَّهَا تُفَارِقُهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَأْمُونَةٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِشَرْطٍ عِنْدَ الْعَقْدِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْمَطَرِ لَمْ يَجِبْ لَهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ إلَّا مَعَ الْمَطَرِ، وَلَمَّا كَانَ عَدَمُهُ مُعْتَادًا لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ؛ لِأَنَّ بِعَدَمِ الْمَطَرِ يَجِبُ رَدُّهُ فَيَكُونُ تَارَةً كِرَاءً إنْ نَزَلَ الْمَطَرُ وَتَارَةً سَلَفًا إنْ عَدِمَ الْمَطَرُ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ نَقَدَ بِشَرْطٍ فَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ حُسَيْنُ بْنُ عَاصِمٍ فِيمَنْ اكْتَرَى أَرْضَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَهِيَ أَرْضُ مَطَرٍ وَانْتَقَدَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً فَهِيَ كِرَاءٌ وَسَلَفٌ يُفْسَخُ مَا لَمْ يُفْتِ فَإِنْ حَرَثَهَا لِقَلِيبٍ أَوْ زَرْعٍ فَذَلِكَ فَوْتٌ وَيُقَاصُّهُ بِكِرَاءِ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ سَائِرِ السِّنِينَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَقَدَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَإِنْ نَقَدَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَقَدْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ ذَلِكَ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ بِالْعَمَلِ لَزِمَهُ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فَيُقَاصُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِرَاءِ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا وَلَا يَقْضِيهِ غَيْرَهَا وَيَتْرُكُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ يَأْخُذُ بِهِ مَنْفَعَةَ أَرْضٍ فَيُؤَدِّي إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ فَمَتَى يَلْزَمُ النَّقْدُ؟ رَأَيْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُدَ حَتَّى يَتِمَّ زَرْعُهُ وَأَمَّا أَرْضُ النِّيلِ، وَالْمَأْمُونَةُ مِنْ الْمَطَرِ فَيَنْقُدُهُ إذَا رُوِيَتْ وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ الَّتِي تُزْرَعُ بُطُونًا فَيَنْقُدُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ بَطْنٍ مَا يُنْوَ بِهِ، وَعِنْدَ أَشْهَبَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ كُلِّ بَطْنٍ مَا يَنْوِ بِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عِنْدَهُمَا.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْتَاجُ هَذَا إلَى تَأَمُّلٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِي أَرْضِ الْمَطَرِ إلَّا بَعْدَ مَا تُرْوَى وَتُمَكَّنُ مِنْ الْحَرْثِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ إلَّا غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُونَةَ يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تُرْوَى وَلَكِنَّهُ لَعَلَّهُ أَرَادَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الرَّيَّ الْمُبَلِّغَ وَعَلَى ذَلِكَ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْدُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرْوَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَبِهَا يَتِمُّ الزَّرْعُ فَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ هَذَا حُكْمُهُ، فَهِيَ الْمَأْمُونَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَا كَانَ تَوَالِي الْمَطَرِ عَلَيْهَا مُعْتَادًا لَا يَكَادُ أَنْ يُخْلِفَ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَتَابُعِهِ فِي إتْمَامِ الزَّرْعِ فَلَا يَلْزَمُ النَّقْدُ بِنَفْسِ الرَّيِّ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْدُ بِالرَّيِّ الْمُبَلِّغِ وَأَمَّا أَرْضُ الْخُضَرِ الَّتِي تُزْرَعُ بُطُونًا، فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُدَ أَوَّلَ كُلِّ بَطْنٍ مَا يَنُوبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْقُدُ عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ بَطْنٍ مَا يَنُوبُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي يَكْفِيهَا أَوَّلَ سَقْيَةٍ لِتَمَامِ الْبَطْنِ