. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَارٌّ وَلَوْ زَرَعَهَا الْمُكْتَرِي، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْوَجِيبَةَ تَنْقَضِي قَبْلَ تَمَامِ زَرْعِهِ بِالْأَيَّامِ، وَالشَّهْرِ فَرُبَّمَا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَرَثَ أَرْضَهُ وَأَفْسَدَ زَرْعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّهُ وَأَخَذَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَبِحِسَابِ كِرَاءِ الْوَجِيبَةِ، قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَصَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّهُ مَنْعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ لِانْقِضَاءِ عَامِهِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ الْعَامَ كُلَّهُ وَأَتَى آخِرُ الْعَامِ وَلِلْمُكْتَرِي فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ، فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَزَرْعُهُ وَلَا يَقْلَعُهُ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ حَتَّى يَتِمَّ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ مِثْلِ أَرْضِهِ عَلَى حِسَابِ مَا كَانَ اكْتَرَاهَا مِنْهُ وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا اللَّفْظِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ بَلَدِنَا: إنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ إنَّهُ مُتَضَادٌّ؛ لِأَنَّ كِرَاءَ مِثْلِ أَرْضِهِ مَفْهُومُهُ مَا يُسَاوِي أَرْضَهُ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ حِسَابِ مَا اكْتَرَى أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ عَلَى حِسَابِ مَا كَانَ اكْتَرَاهَا يَقْتَضِي الِاعْتِبَارَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَقْدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ قَالَ وَلَكِنْ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كِرَاءُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي لَهُ كِرَاءٌ مِنْ حِسَابِ مَا كَانَ اكْتَرَى.
وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ أَوْقَاتَ السَّنَةِ يَخْتَلِفُ فِي كَثْرَةِ الْكِرَاءِ وَقِلَّتِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ كِرَاؤُهَا فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ وَاحِدًا فَكِرَاءُ مِثْلِ أَرْضِهِ إنَّمَا أَرَادَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ السَّنَةَ كُلَّهَا فَيُعْتَبَرُ كِرَاؤُهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ السَّنَةِ وَلَكِنَّهُ عَلَى حِسَابِ مَا اكْتَرَى فَإِنْ اكْتَرَاهَا مِنْهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَتِلْكَ الْمُدَّةُ وَإِنْ كَانَتْ شَهْرًا وَاحِدًا فَحِصَّتُهُ مِنْ كِرَاءِ السَّنَةِ الرُّبْعُ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهِ وَآخِرُ وَقْتِ الْغَلَّةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ دِينَارَانِ وَنِصْفُ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ.
وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ خَارِجَةً عَنْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ زَرَعَ فِي وَقْتٍ كَانَ لَهُ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَدْ اسْتَحَقَّهَا بِالْكِرَاءِ وَلَا فَائِدَةَ لَهَا إلَّا الزَّرْعُ فَلِذَلِكَ أُسْنِدَتْ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ إلَى هَذِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا بِسَبَبِهَا ثَبَتَتْ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ مُدَّةُ تَعَدٍّ وَظُلْمٍ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ فِيهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِ مَا زَرَعَ وَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْغَيْرَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَزْرَعَ حِينَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْ شُهُورِهِ مُدَّةً يَتِمُّ فِيهَا زَرْعُهُ فَإِذَا زَرَعَ فَقَدْ تَعَدَّى فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِمَّا يَجِبُ لَهُ عَلَى حِسَابِ مَا مَضَى فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ إذَا عَمِلَهَا بِحِسَابِ مَا مَضَى، وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ أَرْضَ الْمُسَاقَاةِ قَبْلَ أَنْ يَعْمِدَ إلَى انْقِضَاءِ الْوَجِيبَةِ فَجَازَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ فَلَهُ كِرَاءُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ يُرِيدَانِ الْأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ أَوْ عَلَى حِسَابِ مَا كَانَ اكْتَرَى، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ تَمَامَهُ إلَّا بِالْوَجِيبَةِ بِأَمْرٍ بَعِيدٍ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ أَوْ يَتْرُكَ وَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْوَجِيبَةِ أَوْ كِرَاءِ الْمِثْلِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ لَهُ أَنْ يَعْمِدَ إلَى انْقِضَاءِ الْوَجِيبَةِ، ثُمَّ حَكَمَ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْمَنْعِ وَإِنَّمَا تَحَقَّقَ الْقَوْلُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمِدَ مَا تَيَقَّنَ أَنَّ وَرَقَتَهُ تَتِمُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْوَجِيبَةِ وَلَوْ تَبَايَعَا عِنْدَ الزِّرَاعَةِ لَوَجَبَ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْمُدَّةِ.
1 -
/ (مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ فَغَرَسَهَا فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُ الْمُكْتَرِي فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يَأْمُرَ الْمُكْتَرِيَ بِقَلْعِهَا وَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ وَلَا أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ أَمْرٌ يَكْمُلُ فِيهِ وَتَخْلُو الْأَرْضُ مِنْهُ فَلِذَلِكَ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُنْقَلُ وَيَحُولُ، وَالشَّجَرُ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَلَوْ لَزِمَ بَقَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ لَاسْتَحَقَّ صَاحِبُهُ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْكِرَاءِ الَّذِي مُقْتَضَاهُ أَنْ يَنْقَضِيَ بِانْقِضَاءِ أَمَدٍ إلَى حَدِّ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَلَوْ كَانَ فِي الشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ لَمْ يَخْلُ أَنْ تَكُونَ مُؤَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ