(ص) : (قَالَ مَالِكٌ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ فِيهَا نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ فَكَانَ الْأَصْلُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ، وَالْبَيَاضُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ فِي ذَلِكَ الْكِرَاءُ، وَحَرُمَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يُسَاقُوا الْأَصْلَ، وَفِيهِ الْبَيَاضُ، وَتُكْرَى الْأَرْضُ، وَفِيهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ يُبَاعُ الْمُصْحَفُ أَوْ السَّيْفُ، وَفِيهِمَا الْحِلْيَةُ مِنْ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ أَوْ الْقِلَادَةُ أَوْ الْخَاتَمُ فِيهِمَا الْفُصُوصُ، وَالذَّهَبُ بِالدَّنَانِيرِ، وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْبُيُوعُ جَائِزَةً يَتَبَايَعُهَا النَّاسُ، وَيَبْتَاعُونَهَا، وَلَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَوْصُوفٌ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إذَا هُوَ بَلَغَهُ كَانَ حَرَامًا أَوْ قَصُرَ عَنْهُ كَانَ حَلَالًا، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا الَّذِي عَمِلَ بِهِ النَّاسُ، وَأَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَرِقِ أَوْ الذَّهَبِ تَبَعًا لِمَا هُوَ فِيهِ جَازَ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّصْلُ أَوْ الْمُصْحَفُ أَوْ الْفُصُوصُ قِيمَتُهُ الثُّلُثَانِ أَوْ أَكْثَرُ، وَالْحِلْيَةُ قِيمَتُهَا الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى سِقَاءِ الْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى النِّصْفِ، وَشَرَطَ لِلْعَامِلِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْبَيَاضِ جَازَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا انْعَقَدَتْ بِجُزْأَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَجُزْ كَالْحَائِطَيْنِ أَوْ بَعْضِ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَمِيعُ الْبَيَاضِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِجُزْءِ الْمُسَاقَاةِ فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ جُزْءًا أَكْثَرَ مِنْ جُزْأَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَمَنْ أَخَذَ زَرْعًا مُسَاقًى قَدْ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ، وَمَعَهُ أَرْضٌ بَيْضَاءُ تَبَعًا لِلزَّرْعِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْبَيَاضِ مَعَ الْأُصُولِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ تَصِحُّ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ كَاَلَّذِي مَعَ النَّخْلِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَإِنْ سَاقَى زَرْعًا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ، وَفِيهِ نَخْلٌ تَبَعٌ لِلزَّرْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَاقِيَ ذَلِكَ مُسَاقَاةً وَاحِدَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّرْعُ تَبَعًا لِلنَّخْلِ.
(فَرْعٌ)
إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ أَنْ يَجْمَعَ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِذَا كَانَتْ النَّخْلُ تَبَعًا لِلزَّرْعِ لَمْ تَجُزْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَعْجِزَ صَاحِبُ الزَّرْعِ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ تَبَعًا لِلنَّخْلِ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ الزَّرْعِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَهَلْ يَجُوزُ إلْغَاءُ النَّخْلِ الَّتِي هِيَ تَبَعٌ لِلزَّرْعِ لِلْعَامِلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ مَعَ النَّخْلِ، وَلَا يَجُوزُ إلْغَاءُ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِلشَّجَرِ كَأَصْنَافٍ مِنْ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُلْغَى صِنْفٌ مِنْهَا لِلْعَامِلِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ، وَإِذَا كَانَ تَبَعًا كَمُكْتَرِي الدَّارِ فِيهَا نَخْلٌ هِيَ تَبَعٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ تُلْغَى الْمُؤَنُ لِلْعَامِلِ إذَا كَانَتْ تَبَعًا لِلْحَائِطِ.
(ش) : قَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ يَكُونُ فِيهَا يَسِيرُ النَّخْلِ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكِرَاءِ أَصْلُ ذَلِكَ جَوَازُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ الثُّلُثَ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ، وَأَبَى أَنْ يَبْلُغَ بِهِ الثُّلُثَ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي يَسِيرِ الْغَلَّةِ مَعَ الْأَرْضِ فِي الْكِرَاءِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ فِي تَحْدِيدِ ذَلِكَ الْيَسِيرِ فَمَرَّةً يَجْعَلُ الثُّلُثَ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ، وَمَرَّةً يَجْعَلُهُ أَوَّلَ الْكَثِيرِ، وَمَا قَصُرَ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْيَسِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ وَحَرُمَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهَا تَحْرُمُ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْبَيَاضِ وَالنَّخْلِ وَأَمَّا إذَا أُفْرِدَتْ النَّخْلَ بِالْمُسَاقَاةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْكِرَاءِ، وَقَدْ جَوَّزَ مَالِكٌ الْمُسَاقَاةَ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يُسَاقُوا الْأَرْضَ، وَفِيهَا الْبَيَاضُ وَتُكْتَرَى الْأَرْضُ، وَفِيهَا الْيَسِيرُ مِنْ الْأَصْلِ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ شَائِعٌ دُونَ نَكِيرٍ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إلَيْهِ عَامَّةٌ لِتَعَذُّرِ انْفِصَالِ الْأَرْضِ مِنْ الشَّجَرِ، وَالشَّجَرِ مِنْ الْأَرْضِ غَالِبًا، وَحَاجَةُ النَّاسِ إلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي عَمَلِهَا فَمَا جَازَتْ إجَارَتُهُ كَانَتْ