(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُسَاقِي الرَّجُلَ الْأَرْضَ فِيهَا النَّخْلُ أَوْ الْكَرْمُ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ فَتَكُونُ فِيهَا الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ قَالَ مَالِكٌ إذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَعْظَمَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَهُ فَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاتِهِ، وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ النَّخْلُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَيَكُونُ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ الْبَيَاضَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَائِطِ سَقَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَشْهُرٍ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ سَقْيِهِ فَقَدْ بَاعَهُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَإِنْ أَلْغَاهُ فَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ.

1 -

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَاقَى مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَمَا لَا يَزْدَادُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مِنْ الْعَامِلِ شَيْئًا كَذَلِكَ لَا يَزْدَادُ الْعَامِلُ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَنْعَقِدُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عِوَضٌ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَزْدَادَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُجْرَةِ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ بِعَقْدِ الْمُسَاقَاةِ يَسِيرُ الْعَمَلِ فِي الثَّمَرَةِ فَأَمَّا مَا ازْدَادَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ قَلِيلُهُ وَلَا كَثِيرُهُ لِأَنَّ ازْدِيَادَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مِنْ الْعَمَلِ يُخْرِجُهُ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَازْدِيَادُ الْعَامِلِ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ يُخْرِجُهُ إلَى أَنْ يُقَارِنَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ عَقْدُ إجَارَةٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِتُنَافِيهِمَا، وَلَوْ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْأَشْجَارِ لَمَا جَازَتْ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ يُنَافِيهَا الْغَرَرُ وَالْمُسَاقَاةُ لَا تَصِحُّ إلَّا فِيمَا فِيهِ الْغَرَرُ فَلَمْ يَجُزْ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْإِجَارَةِ وَالْجُعْلِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ الْبَيَاضَ مَعَ النَّخْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ تَبَعًا لِلنَّخْلِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثَ مِنْ الْجُمْلَةِ وَالنَّخْلُ ثُلُثَيْهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلنَّخْلِ فَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ.

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّخْلِ يَكُونُ تَبَعًا لِلْبَيَاضِ فِي الْكِرَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ الثُّلُثَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَا إنْ قَصُرَ عَلَى الثُّلُثِ جَازَ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ مَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا الثُّلُثُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ فَمَرَّةً جَعَلَهُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَكُونُ تَبَعًا، وَمَرَّةً جَعَلَهُ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يَكُونُ تَبَعًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ جَعَلَ الثُّلُثَ فِيهِ حَدًّا بَيْنَ مَا يَجُوزُ، وَبَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَجُوزُ كَالْوَصِيَّةِ وَهِبَةِ الزَّوْجَةِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» .

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَحُكْمُ مَا لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ مَعَ مَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ حُكْمُ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ مَعَ النَّخْلِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقَى الْحَائِطُ، وَفِيهِ مِنْ الْمَوْزِ مَا فِيهِ تَبَعٌ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِقَاءٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُلْغَى لِأَحَدِهِمَا.

(فَرْعٌ)

وَفِيمَا يُرَاعَى الثُّلُثُ مِنْ الْبَيَاضِ الظَّاهِرُ مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يُلْغَى، وَفِيمَا شُرِطَ عَلَى حُكْمِ الْمُسَاقَاةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إنَّمَا يُرَاعَى أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلثَّمَرَةِ كُلِّهَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا إذَا أُلْغِيَ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِحِصَّةِ الْعَامِلِ خَاصَّةً وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ أَنَّ مَا صَارَ لِلْعَامِلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلْحِصَّةِ إذَا لَمْ يُلْغَ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَصِفَةُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَإِلَى غَلَّةِ النَّخْلِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ حَالِهَا، وَيَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ الْإِنْفَاقِ عَلَى الثَّمَرَةِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أُضِيفَتْ إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ تَبَعٌ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى ثَمَانِيَةٍ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْجُمْلَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِذَا قُلْنَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، وَيَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِلْعَامِلِ فَهَذَا إنْ عَمِلَ الْعَامِلُ حَتَّى تَكْمُلَ الْمُسَاقَاةُ فَهُوَ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا أُلْغِيَ لَهُ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَصَابَتْهُ، وَقَدْ زَرَعَ الْعَامِلُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَشْرَسَ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْبَيَاضِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ عَمَلِ الْحَائِطِ فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِكِرَاءِ مِثْلِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ بَيْنَهُمَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015