(الشَّرْطُ فِي الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ) (ص) : (قَالَ مَالِكٌ: إنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي عَمَلِ الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةُ يَشْتَرِطُهُمْ الْمُسَاقَى عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ عُمَّالُ الْمَالِ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِمْ لِلدَّاخِلِ إلَّا أَنَّهُ تَخِفُّ عَنْهُ بِهِمْ الْمُؤْنَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْمَالِ اشْتَدَّتْ مُؤْنَتُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْعَيْنِ، وَالنَّضْحِ وَلَنْ تَجِدَ أَحَدًا يُسَاقِي فِي أَرْضَيْنِ سَوَاءٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْمَنْفَعَةِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنٍ وَاثِنَةٍ غَزِيرَةٍ، وَالْأُخْرَى بِنَضْحٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ الْعَيْنِ وَشِدَّةِ مُؤْنَةِ النَّضْحِ، قَالَ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ وَالْوَاثِنَةُ الثَّابِتُ مَاؤُهَا الَّتِي لَا تَغُورُ وَلَا تَنْقَطِعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْيَسِيرُ مِمَّا لَا تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ، وَمَا جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ كَانَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْيَسِيرُ مِمَّا لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَوْصُوفٌ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إذَا هُوَ بَلَغَهُ كَانَ حَرَامًا أَوْ قَصُرَ عَنْهُ كَانَ حَلَالًا يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ حَدٌّ يُبَيِّنُ مَا يَجُوزُ مِنْهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا هَذَا التَّحْدِيدُ بِاجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ فِي جَعْلِهِمْ الثُّلُثَ فِي حَيِّزِ التَّبَعِ لِلثُّلُثَيْنِ أَوْ فِي حَيِّزِ مَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا نَخْلٌ ثَمَرَتُهَا تَبَعٌ لِكِرَاءِ الدَّارِ فَتَهَدَّمَتْ الدَّارُ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَدْ طَابَتْ، وَكَانَتْ تَبَعًا لِمَا سُكِنَ فَهُوَ لِلْمُكْتَرِي، وَعَلَيْهِ ثُلُثَا الْكِرَاءِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَطِبْ فَهِيَ لِصَاحِبِ الدَّارِ عَلَى الْمُكْتَرِي ثُلُثُ الْكِرَاءِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ، وَلَيْسَتْ بِتَبَعٍ لِمَا سُكِنَ فَهِيَ لِصَاحِبِ الدَّارِ، وَقَدْ فَسَدَ فِيهَا الْبَيْعُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ الثَّمَرَةُ رَاجِعَةٌ إلَى صَاحِبِهَا طَابَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا إذَا طَابَتْ، وَكَانَتْ تَبَعًا لِمَا سُكِنَ فَإِنَّمَا وَقَعَ الْفَسْخُ مِنْ الْعَقْدِ فِيمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ بَيْعَ الثَّمَرَةِ بِمَا صَحَّ مِنْ الْكِرَاءِ لَجَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا مِثْلُهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الثَّمَرَةَ قَدْ تَبِعَتْ مَا فُسِخَ مِنْ التَّبَايُعِ كَمَا تَبِعَتْ مَا جَازَ مِنْهُ فَلَمَّا فُسِخَ مَا هِيَ تَبَعٌ لَهُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ، وَإِذَا فَسَدَ بَعْضُهَا لِذَلِكَ فَسَدَ جَمِيعُهَا.
[الشَّرْطُ فِي الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ]
(ش) : قَوْلُهُ فِي عَمَلِ الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ إنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ الْعَامِلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ يُرِيدُ الرَّقِيقَ الَّذِينَ كَانُوا عُمَّالَ الْحَائِطِ وَقْتَ الْمُسَاقَاةِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَ إخْرَاجَهُمْ إذَا كَانُوا فِيهِ يَوْمَ الْمُسَاقَاةِ وَلَكِنْ لَوْ أَخْرَجَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ دَفَعَ الْحَائِطَ مُسَاقَاةً لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا يَكُونُ اشْتِرَاطُ الْعَامِلِ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ رَفْعِ الْإِلْبَاسِ عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ رَاعِيًا يَرْعَى لَهُ غَنَمَهُ سَنَةً إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ الْغَنَمَ إنْ مَاتَتْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى لَهُ مِثْلَهَا وَهَذَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لَكَانَ هَذَا حُكْمُهُ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ إقْرَارِ رَبِّ الْحَائِطِ لَهُ بِأَنَّهُمْ فِي حَائِطِهِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ.
وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَامِلِ يَجْهَلُ فَلَا يَسْتَثْنِي مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ دَوَابَّ وَرَقِيقٍ وَيَقُولُ صَاحِبُ الْحَائِطِ إنَّمَا سَاقَيْتُك بِغَيْرِ دَوَابَّ وَلَا رَقِيقٍ إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ اُنْظُرْ هَذَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إخْرَاجُ دَوَابِّهِ فَقَدْ صَارَ مُدَّعِيًا لِمَا لَا يَجُوزُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَجْهَلَ الْعَامِلُ فَلَا يُقِرُّ صَاحِبُ الْحَائِطِ عَلَى أَنَّهُمْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ فِي الْحَائِطِ وَأَنَّهُمْ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لَمْ يَكُونُوا فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ كَانُوا فِيهِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ