(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَاقِي إنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَاقَاهُ شَيْئًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا وَرِقٍ يَزْدَادُهُ وَلَا طَعَامٍ، وَلَا شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَاقِيَ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا يَزِيدُهُ إيَّاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَالزِّيَادَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لَا تَصْلُحُ قَالَ مَالِكٌ وَالْمُقَارِضُ أَيْضًا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا يَصْلُحُ، إذَا دَخَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ صَارَتْ إجَارَةً، وَمَا دَخَلَتْهُ الْإِجَارَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْإِجَارَةُ بِأَمْرِ غَرَرٍ لَا يُدْرَى أَيَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ أَوْ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْجُزْءِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ جُزْءًا زَائِدًا مِنْ حَائِطٍ آخَرَ عَلَى جَمِيعِ ثَمَرِ حَائِطِ الْمُسَاقِي، وَرَوَى ابْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إنْ لَمْ يَعْمَلْ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ عَمِلَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَوْ اُطُّلِعَ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ سَارِقٌ مُبَرِّحٌ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ يَقْطَعَ النَّخْلَ، وَيَذْهَبَ بِالثَّمَرَةِ أَوْ يُخَرِّبَ الدَّارَ، وَيَبِيعَ أَبْوَابَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْرَاجُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ السِّلْعَةَ مِنْ رَجُلٍ مُفْلِسٍ، وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ بِفَلَسِهِ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فَهَذَا مِثْلُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمُسَاقِيَ شَرِيكٌ فِي أَصْلِ الثَّمَرَةِ، وَالشَّرِيكُ لَا يَسْتَطِيعُ شَرِيكُهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ لِمَا يَظْهَرُ فِيهِ مِنْ خِيَانَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَسَاقِيَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ عَمِلَ وَرَثَتُهُ إنْ كَانُوا أُمَنَاءَ كَمَا كَانَ صَاحِبُهُمْ يَعْمَلُ فَإِنْ أَبَوْا ذَلِكَ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ لَازِمًا لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِمْ، وَيَأْتُونَ بِأَمِينٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْعَامِلِ سَرِقَةٌ أَوْ إغَارَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ تَعَلَّقَتْ الْمُسَاقَاةُ بِذِمَّتِهِ وَمَالِهِ، وَلَزِمَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ لُزُومِهَا لِلْوَرَثَةِ فَلَوْ اطَّلَعَ فِي النَّخْلِ عَلَى قِلَّةِ حَمْلٍ وَضَعْفٍ لَزِمَتْهُ الْمُسَاقَاةُ، وَكَذَلِكَ إذَا اُطُّلِعَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ، وَالْوَرَثَةُ لَا تَتَعَلَّقُ الْمُسَاقَاةُ بِأَمْوَالِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ إنْ كَرِهُوهَا، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُلْزَمْ صَاحِبُ الْحَائِطِ بِسَرِقَتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَوْ أُجِيحَتْ الثَّمَرَةُ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا جَائِحَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَخْرُجَ، وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ، وَرَوَى عَنْهُ سَعْدٌ إنْ بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَسْقِيَ الْحَائِطَ كُلَّهُ أَوْ يَخْرُجَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ عِلَاجِهِ وَنَفَقَتِهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فَلَمْ يُفْسَخْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بِالْجَائِحَةِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عَمَلَهُ عِوَضٌ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ فَإِذَا أُجِيحَتْ كَانَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا.

(فَرْعٌ)

وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْجَائِحَةُ شَائِعَةً فِي الْحَائِطِ فَأَمَّا إذَا أُجِيحَتْ جِهَةٌ، وَسَلِمَتْ أُخْرَى فَيَلْزَمُ الْمُسَاقَاةُ فِيمَا سَلِمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ أَخْذِ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ.

(ش) : قَوْلُهُ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الَّذِي سَاقَاهُ يَعْنِي الْعَامِلَ شَيْئًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا وَرِقٍ، وَلَا شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ يَزْدَادُهُ يُرِيدُ أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْئًا يَزْدَادُهُ غَيْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ يُرِيدُ مِمَّا نَقَصَهُ خَارِجًا عَنْ الْعَمَلِ فِي الْحَائِطِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ فِي الْحَائِطِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ فِيهِ عِوَضٌ عَنْ الْعَمَلِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلثَّمَرَةِ عِوَضٌ غَيْرُ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَقَبْلَ ظُهُورِهَا، وَلَا يَزْدَادُ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَ الْمُسَاقَاةَ بَيْعٌ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ شَيْئًا لَكَانَ ذَلِكَ عِوَضًا مِنْ بَيْعِ عَمَلِهِ فَاجْتَمَعَ عَقْدُ مُسَاقَاةٍ وَبَيْعٌ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَوْ عَقَدَا مُسَاقَاةً عَلَى جُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فِيهِ أَشْهُرًا فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ بِمَا سَقَى لَمْ يُصْلَحْ، وَإِنْ كَانَ مُلْغًى فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَيَدْخُلُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ازْدِيَادِ صَاحِبِ الْحَائِطِ مِنْ الْعَامِلِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015