. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ قُلْتُ نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبْعِ، وَعَلَى الْأَوْسُقِ مِنْ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ قَالَ لَا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا وَأَزْرِعُوهَا أَوْ أَمْسِكُوهَا قَالَ رَافِعٌ قُلْت سَمْعًا وَطَاعَةً» قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُحَاقَلَةِ هُوَ اكْتِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ لَهَا، وَهِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ الطَّعَامُ الْخَارِجُ فَإِذَا اكْتَرَاهَا مِنْهُ بِطَعَامٍ فَهُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرِ مَقْبُوضٍ، وَلَا مُقَدَّرٍ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ الْأَرْضَ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ كَالْحَبِّ وَالتَّمْرِ أَوْ مِمَّا لَا تَنْبُتُهُ كَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُكْرَى بِشَيْءٍ إذَا أُعِيدَ فِيهَا نَبَتَ، وَتُكْرَى بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا تُنْبِتُ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَغَيْرُهُ لَا تُكْرَى بِالْحِنْطَةِ، وَأَخَوَاتِهَا وَتُكْرَى بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَطْعُومٍ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَكَرِهَ مَالِكٌ اكْتِرَاءَهَا بِالطَّعَامِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مُؤَجَّلٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحَاقَلَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا لَا تُنْبِتُ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ فِي أَرْضٍ لَا تُنْبِتُهُمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَجْهُ كَرَاهِيَتِهِ عِنْدِي مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ» ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» ، وَهَذَا عَامٌّ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا طَعَامٌ فَلَمْ يَجُزْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ كَالْقَمْحِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ فَجَازَ أَنْ تُكْرَى بِهِ كَالْحَطَبِ وَالْجُذُوعِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنَّ كُلَّ مَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَمْحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُكْرَى بِهِ الْأَرْضُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَلَا تُكْرَى الْأَرْضُ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ النَّبَاتِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَالْكَتَّانِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحَشِيشِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِالْخَضِرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ مِنْ الْكَلَأِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُزْرَعُ، وَلَا مِنْ الطَّعَامِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مِمَّا تَنْبُتُهُ الْأَرْضُ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُكْرَى بِهِ كَالْقَمْحِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِئَلَّا يُعْطِيَك مِمَّا تُنْبِتُ أَرْضُك أَوْ يَدْخُلَهُ الْجُزَافُ الْمَجْهُولُ بَيْنَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ، وَمَا تُنْبِتُهُ أَرْضُك فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تُنْبِتُ ذَلِكَ الْجِنْسَ فَقَدْ أَمِنْت ذَلِكَ كُلَّهُ.
(فَرْعٌ)
فَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْكَتَّانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالثِّيَابِ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَحَالَ عَنْ جِنْسِ الْأَصْلِ فَلَيْسَ هُوَ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى بِالْجُذُوعِ وَالْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْعُودِ، وَبِأَصْلِ شَجَرٍ لَا يُثْمِرُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَلِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَاهَا بِأَرْضٍ أُخْرَى، وَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا أَجَازَهُ بِالْخَشَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي يُزْرَعُ، وَهَذَا الَّذِي يَنْتَقِضُ بِالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ لَا يُزْرَعُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِهِمَا.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُ مَالِكٍ وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَلَا أَرْضَهُ، وَلَا سَفِينَتَهُ إلَّا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ يُرِيدُ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ أَوْ حَزْرٍ إنْ كَانَ قَرِيبًا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالذِّمَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ يُكْرِي أَرْضَهُ بِجُزْءٍ مِمَّا تُخْرِجُهُ فَإِنَّ مَا تُخْرِجُهُ غَيْرُ مَعْلُومِ الصِّفَةِ، وَلَا الْقَدْرِ، وَلَا مَرْئِيٌّ يُنْظَرُ إلَيْهِ.
1 -
(فَصْلٌ)
وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَنَّ صَاحِبَ النَّخْلِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَصَاحِبُ الْأَرْضِ يُكْرِيهَا يُرِيدُ أَنَّ النَّخْلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مَنْفَعَتَهَا الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا، وَهِيَ الثَّمَرَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا فَإِذَا بَدَا، وَجَازَ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ، وَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ