. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَصَّتْ الْمُسَاقَاةُ بِالشَّجَرِ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، وَلَمْ تَجُزْ فِي الزَّرْعِ لِهَذَا الْمَعْنَى لِعَدَمِهَا فِيهِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ فِيهِ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ جَازَتْ لِغَيْرِ الْعَجْزِ كَالنَّخْلِ.
(فَرْعٌ)
وَمَعْنَى الْعَجْزِ عَنْ الزَّرْعِ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ عَمَلِهِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ أَوْ يَنْمُو أَوْ يَبْقَى فَإِنْ كَانَ لَهُ مَاءٌ فَقَدْ يَكُونُ عَاجِزًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأُجَرَاءِ قِيلَ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ سَيْحًا قَالَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَاجِزٌ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ.
وَقَالَ فِي الْوَاضِحَةِ إذَا عَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْ عَمَلِهِ، وَهُوَ يَعْمَلُ، وَلَهُ عَمَلٌ وَمُؤْنَةٌ إنْ تُرِكَ خِيفَ عَلَيْهِ التَّلَفُ جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَمَلٌ وَلَا مُؤْنَةٌ وَلَا حِرَاسَةٌ، وَهُوَ يَعْمَلُ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَأَمَّا الشَّجَرُ الْبَقْلُ فَتَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَمَلٌ وَلَا مُؤْنَةٌ لِأَنَّ لَهَا حِرَاسَةً وَجِدَادًا، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ لِأَنَّ فِيهِ دِرَاسَةً وَحَصَادًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحَصَادَ وَحْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْحِرَاسَةُ وَالنَّخْلُ يَحْتَاجُ إلَى حِرَاسَةٍ مُنْذُ يَصِيرُ بَلَحًا كَبِيرًا إلَى أَنْ يَصِيرَ تَمْرًا يَتَسَرَّعُ النَّاسُ إلَيْهِ وَالزَّرْعُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ إلَّا مَخَافَةَ الْمَوَاشِي، وَقَدْ يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُهَا، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الزَّرْعِ، وَهُوَ إنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الشَّجَرِ فَقَدْ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِذَلِكَ.
(فَرْعٌ)
فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَعْلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ يَحْتَاجُ مِنْ الْمُؤْنَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ شَجَرُ الْبَقْلِ، وَإِنْ تُرِكَ خِيفَ أَنْ يَضِيعَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ وَلَا عَمَلٌ فِيهِ لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ إنَّمَا يَقُولُ احْفَظْهُ لِي وَاحْصُدْهُ وَأَدْرُسُهُ لَك عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدِي لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الشَّجَرِ الْبَقْلِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا لَا ضَرُورَةَ فِيهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ، وَفِي النَّخْلِ إذَا قَالَ لَهُ احْفَظْهُ لِي وَجُدَّهُ، وَلَك نِصْفُهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَيْهِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْمَالِ الَّذِي لَا يَنْمُو إلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِمَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَمَلُ يَلْزَمُ فِيهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَشْجَارِ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ حَرْثٍ وَتَقْسِيمٍ وَسَدِّ حِظَارٍ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ الْبَعْلِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ عَنْ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ بَعْلًا فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى عَمَلٍ إلَى أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَتِلْكَ حَالٌ لَا تَجُوزُ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ مَعَ أَنَّ الزَّرْعَ تَقْصُرُ مُدَّتُهُ، وَلَا يُسْتَدَامُ الْعَمَلُ فِيهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَمَا كَانَ بِمَثَابَةِ الزَّرْعِ مِمَّا الْغَرَضُ فِي حَبِّهِ دُونَ بَقْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكَمُّونِ.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْعُصْفُرِ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكَمُّونِ إذْ لَيْسَ مِنْ شَجَرَةٍ بَاقِيَةٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ نُوَّارُهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَأَمَّا الْمَقَاثِي فَجَوَّزَ مَالِكٌ فِيهَا الْمُسَاقَاةَ كَالتِّينِ وَالْجُمَّيْزِ وَالْقُطْنِ وَالْمَقَاثِي، وَإِنْ كَانَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَلَعَلَّ هَذَا الْجَوَازُ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَأَصْلُهُ ثَابِتٌ احْتِرَازٌ مِنْ الْقَصَبِ الْحُلْوِ وَالْمَوْزِ الَّذِي يَبْقَى لَهُ أَصْلٌ بَعْدَ أَخْذِ ثَمَرَتِهِ، وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَانُ وَالرَّيْحَانُ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَحْبَاقِ، وَالْبَقْلُ وَالْقَصَبُ وَالْقُرْطُ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ الْمُسَاقَاةَ فِيهِ، وَعَلَّلَ فِي الْوَاضِحَةِ تَجْوِيزَ الْمُسَاقَاةِ فِي الْمَقَاثِي لِتَفَاوُتِ طِيبِهَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ بُطُونَهَا لَا تَنْفَصِلُ، وَشَبَّهَهُ بِالتِّينِ الَّذِي يَطِيبُ بَعْضُهُ بَعْدَ بَعْضٍ قَالَ وَلَيْسَ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ كَالْقَصَبِ يُرِيدُ أَنَّهُ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ كَتَمَيُّزِ بُطُونِ الْقَصَبِ وَالْمَوْزِ وَأَمَّا الْقُطْنُ فَإِنْ كَانَ يُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَقَاثِي وَالْعُصْفُرِ، وَإِنْ كَانَ يَبْقَى أَصْلُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْعَادِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَأَمَّا الْمَوْزُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَوْزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَكُلُّ مَا يُجَذُّ وَيَخْلُفُ مِثْلُ الْقَصَبِ وَالْمَوْزِ وَالْقُرْطِ، وَشَبَهِهِ مِنْ الْبُقُولِ لَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ اجْتَمَعَتْ فِيهِ مَعَانٍ مُؤَثِّرَةٌ فِي مَنْعِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ سَاقٌ كَالشَّجَرِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ الَّذِي إنَّمَا يُوجَدُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ إذَا