(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأُصُولِ مِمَّا تَحِلُّ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ وَبَدَا صَلَاحُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَاقَى مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ مَا حَلَّ بَيْعُهُ مِنْ الثِّمَارِ إجَارَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَاقَى صَاحِبُ الْأَصْلِ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ إيَّاهُ، وَيَجُذَّهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يُعْطِيهِ إيَّاهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمُسَاقَاةِ إنَّمَا الْمُسَاقَاةُ مَا بَيْنَ أَنْ يُجَذَّ النَّخِيلُ إلَى أَنْ يَطِيبَ الثَّمَرُ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ سَاقَى ثَمَرًا فِي أَصْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ فَتِلْكَ الْمُسَاقَاةُ بِعَيْنِهَا جَائِزَةٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُخِذَ لَمْ يَبْقَ أَصْلٌ يَخْلُفُ، وَالْمَوْزُ يَبْقَى لَهُ أَصْلٌ، وَهَذَا حُكْمُ مَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْزِ فِي ذَلِكَ كَالْقَصَبِ وَالْقَرَطِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
الْمُغْيِبَةُ كُلُّهَا مِمَّا لَا يُدَّخَرُ فَهُوَ كَالْبَقْلِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَكَذَلِكَ الرَّيَاحِينُ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَجُوزُ مُسَاقَاةٌ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا إذَا بَدَا صَلَاحُهَا أَوَّلُهَا كَالْمَوْزِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَالْمَقَاثِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ نَبَاتٌ وَاحِدٌ يَتَقَارَبُ طِيبُهُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الزَّعْفَرَانُ وَالرَّيْحَانُ وَالْبَقْلُ وَالْقَصَبُ وَالْقَرَطُ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَجَعَلَ قَصَبَ السُّكَّرِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَرَآهُ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْبَقْلُ مِثْلُ الْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَاللُّفْتِ وَالْبَصَلِ، وَشَبَهِهِ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ إذَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ، وَعَجَزَ صَاحِبُهُ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدٍّ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْبِطِّيخِ، وَالْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ كُلِّهَا عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا أَوْ لَمْ يَعْجِزْ فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَا يُسَاقَى شَيْءٌ مِنْ الْبُقُولِ فَإِنْ عَنَى بِهِ الْكُزْبَرَ وَالْقَطَفَ وَالْخُضَرَ الَّتِي تُؤْكَلُ فَإِنَّ تِلْكَ إذَا اسْتَقَلَّتْ جَازَ بَيْعُهَا، وَإِلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَشَارَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَا ظَهَرَ مِنْ وَرِقِهِ دُونَ بَذْرٍ يَكُونُ فِيهِ، وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا مُسَاقَاةَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا أَنْ لَا تَظْهَرَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْمُسَاقَاةُ مُخْتَصَّةٌ بِمَا كَانَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَرْضِ، وَبِذَلِكَ يَخْتَصُّ السَّقْيُ بِالشَّجَرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الزَّرْعِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَظْهَرَ، وَوَجْهُ تَجْوِيزِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ أَصْلٌ، وَلِلْعَمَلِ فِيهِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا، وَتُنَالُ ثَمَرَتُهُ فِيهَا، وَلَا يَبْقَى لَهُ مَا يُجْلَبُ كَالزَّرْعِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَأَمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إذَا ظَهَرَ وَعَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَمَنَعَ مِنْهُ فِي الْوَاضِحَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ كَالزَّرْعِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ مِمَّا يُخْلِفُ أَصْلُهُ كَالْمَوْزِ وَالْقَصَبِ.
(ش) : قَوْلُهُ لَا تَحِلُّ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إذَا طَابَ ثَمَرُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُ ثَمَرَتِهِ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ فَلَمْ تَجُزْ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيلُ نَفْعِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ، وَلِلْأَشْجَارِ أَحْوَالٌ حَالٌ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ فِيهَا ثَمَرَةٌ، وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ «قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ خَيْبَرَ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» فَعَقَدَ مُسَاقَاةً لِأَعْوَامٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ فِي النَّخْلِ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ أَوْ لَا تَكُونَ فِيهَا ثَمَرَةٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرَةٌ فَقَدْ تَنَاوَلَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ مِنْ الْأَعْوَامِ، وَثَمَرَةُ تِلْكَ الْأَعْوَامِ مَعْدُومَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ الْعَامَ بَعْدُ ثَمَرَةٌ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْعَقْدُ عَامًا إلَّا وَثَمَرَتُهُ مَعْدُومَةٌ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا فَتِلْكَ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ دُونَ خِلَافٍ بَيْنَ مَنْ يَجُذُّهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ.
(فَرْعٌ)
فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ فِي إزْهَاءِ الثَّمَرَةِ شَيْئًا مَعْلُومًا، وَيُرْجَعُ إلَى الْمُسَاقَاةِ، وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ مَا لَمْ تَفُتْ، وَلَا يَكُونُ إجَارَةً، وَمَعْنَى الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَتَضَمَّنُ أَنَّ